قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن العديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أشاروا يوم الثلاثاء الماضي إلى أن البنك المركزي الأميركي ملتزم بمكافحة ارتفاع الأسعار، ما أدى إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة قصيرة الأجل على خلفية قيام المستثمرين بتسعير استمرار رفع أسعار الفائدة.
وأشار مسؤولون من مختلف التوجهات السياسية يوم الثلاثاء إلى أنهم وزملاءهم ما زالوا عازمين «وموحدين بالكامل» على رفع أسعار الفائدة الأميركية إلى مستويات من شأنها تقييد النشاط الاقتصادي بشكل أكبر لكبح جماح التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ الثمانينيات.
وقالت ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، إنها «تشعر بالحيرة» تجاه أسعار سوق السندات التي تعكس توقعات المستثمرين التي تشير إلى توجه البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة في النصف الأول من العام المقبل.
وعلى العكس من ذلك، أعربت عن توقعها أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي ثم يحتفظ بها عند تلك المستويات «لفترة من الوقت»، مضيفة أن البنك المركزي «لم يقترب» بعد من كبح التضخم الذي ما زال يواصل ارتفاعه إلى أعلى المستويات المسجلة في 40 عاما.
وفي مقابلة منفصلة، صرح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو تشالز إيفانز بأنه يرى أن رفع سعر الفائدة بمقدار 0.5 نقطة مئوية في اجتماعه المقبل المقرر انعقاده في سبتمبر ستكون خطوة مواتية، إلا أنه ترك المجال مفتوحا أمام إمكانية رفعها بمقدار 0.75 نقطة مئوية، والذي قال إنه «يمكن أن يكون جيدا أيضا».
وتبنت لوريتا ميستر، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، نبرة متشددة مماثلة، قائلة إنها تتوقع تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي هذا العام، وهو الأمر الذي يعتبر ضروريا لكبح جماح التضخم. كما أنها لا ترى أن الولايات المتحدة في حالة ركود نظرا لاستمرار قوة سوق العمل.
وبعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة في يوليو الماضي، بدأ المستثمرون في تسعير سلسلة من الزيادات الصغيرة في أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الحالي وسط إشارات إلى أن سياسة التشديد النقدي القوية التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي قد بدأت في تقييد نمو الاقتصاد الأميركي.
آفاق واعدة
تباطأ النشاط الصناعي الأميركي بوتيرة أقل من المتوقع في يوليو الماضي وسط إشارات على أن قيود العرض آخذة في التراجع. إذ تراجع مؤشر أنشطة المصانع الصادر عن معهد إدارة التوريدات إلى 52.8 مقابل 53 الشهر السابق، مسجلا أدنى مستوياته منذ يونيو 2020 مع بقائه في نطاق يشير إلى النمو.
من جهة أخرى، انتعش قطاع الخدمات الأميركي بشكل غير متوقع في يوليو على خلفية تزايد الطلبات الجديدة. وتحسن مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات التابع لمعهد إدارة التوريدات من 55.3 في يونيو إلى 56.7 في يوليو، بينما توقع الاقتصاديون تراجعه إلى 53.9، ويدعم هذا الأداء الآراء القائلة إن الاقتصاد قد لا يكون في حالة ركود على الرغم من تراجع الإنتاج في النصف الأول من العام.
ركود أم مصطلحات تقنية؟
بدأ يوم الجمعة بأجواء هادئة في الصباح، حيث استعد المستثمرون لبيانات التوظيف المقرر إصدارها في وقت لاحق من اليوم، وأثبت التقرير أهميته وجدوى ترقبه. وتفاجأت الأسواق بالبيانات التي أظهرت أن الاقتصاد الأميركي قد أضاف بشكل غير متوقع 528 ألف وظيفة الشهر الماضي، ما يدل على أن نمو الرواتب قد ارتفع حتى في ظل السياسة النقدية المتشددة وتقليص تدابير الدعم المالي، ما خفف المخاوف من حدوث ركود. وكشفت البيانات أن معدل البطالة تراجع إلى أدنى مستوياته المسجلة قبل الجائحة ليصل إلى 3.5% مقابل 3.6% الشهر السابق، كما أظهرت أيضا تسارع وتيرة خلق الوظائف مقارنة بشهر يونيو، بإضافة الاقتصاد 398 ألف وظيفة. وكانت توقعات الاقتصاديين تشير إلى تباطؤ نمو الوظائف إلى 250 ألف وظيفة خلال الشهر الماضي.
وقدم تقرير الوظائف صورة جيدة إلى حد ما عن الاقتصاد على الرغم من تراجع الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة متتالية على مدار الفترات ربع سنوية. وفي الوقت الذي تراجع فيه الطلب على العمالة في القطاعات الحساسة لسعر الفائدة مثل الإسكان والتجزئة، لا تستطيع شركات الطيران والمطاعم العثور على عدد كاف من الموظفين. وفي ظل توافر 10.7 ملايين فرصة عمل بنهاية يونيو و1.8 فرصة لكل شخص عاطل عن العمل، لا تزال أوضاع سوق العمل متشددة ولا يتوقع الاقتصاديون تباطؤ نمو الوظائف هذا العام بوتيرة حادة. حيث نما متوسط الدخل في الساعة بنسبة 0.5% الشهر الماضي بعد ارتفاعه بنسبة 0.4% في يونيو. وأدى ذلك إلى زيادة معدل نمو الأجور على أساس سنوي إلى 5.2%.
وجاء الإصدار المفاجئ بالتزامن مع تأكيدات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بأن المزيد من تشديد السياسات النقدية يعتبر من الأمور الضرورية لكبح التضخم. وبذلك انقلبت الاحتمالات من التوجه نحو رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى التوجه نحو تأييد رفعها بمقدار 75 نقطة أساس، وزاد الاحتمال الأخير من 41.5% يوم الخميس إلى 70.5% بنهاية الأسبوع.