للعلم اللغات عشاق كثر حول أرجاء العالم، فكثر هم من يهوون لغة بلد معين ويسعون خلف إتقانها، إلا أن المعضلة الحقيقية في التقصير من قلة وجود معاهد متخصصة جيدة تمكن هؤلاء الراغبين في التعلم من إتقان اللغة التي يريدونها.
ولنا على سبيل المثال اللغة الفرنسية، فعلى الرغم من كل الجهود التي تقوم بها فرنسا لنشر اللغة والثقافة الفرنسية، إلا أن كل هذه الجهود تذهب عبثا، وذلك لضعف مستوى المعاهد التي تقدم تعليم اللغة الفرنسية بما فيها الفولتير الذي يتبع السفارة الفرنسية، وهو الذي من المفترض أن يكون أقوى المعاهد كونه مدعوما مباشرة من فرنسا.
المشكلة أن «الفولتير» يعاني حقيقة من عدة معوقات تعوق دون التمكن من تحقيقه لأهدافه، وقد يكون السبب الأول في أن المعهد لا يقدم تعليما حقيقيا للغة الفرنسية، بل يقدم منهجا متواضعا لنشر الثقافة الفرنسية، أي أن من يكمل المستويات الاثني عشر المحددة في المعهد سيكون لديه ثقافة وليس لغة.
وهذا حقيقة ما أدى إلى عزوف الكثير عن الانخراط أو تكملة تعلم اللغة الفرنسية، فعلى الرغم من أن الفولتير لديه أفضل الأساتذة المتمكنين من اللغة والذين يتمتعون بمهارات تدريسية عالية، إلا أن المشكلة تكمن في صياغة المنهج، فكتاب واحد أو كتابين لجميع الفصول الدراسية بالتأكيد لا يكفي لإتقان اللغة، حتى أن الكتاب المخصص يفتقر لأساسيات صياغة المناهج فهو بحاجة لصياغة مناسبة تناسب جميع المستويات وتناسب من يرغب في الدراسة الذاتية.
فمن يقرأ الكتاب الذي أعده الفولتير للتعليم سيجده غير مناسب لتعليم غير الناطقين بالفرنسية، وبالأخص أنه ليس كل من يرغب بتعلم الفرنسية يتمتع بمهارات ذهنية عالية، وهذا ما كان يجب أن يوضع في عين الاعتبار لدى صياغة المنهج.
الأمر الآخر بالتأكيد أن الفترة المحددة لتعليم اللغة الفرنسية اثني عشر فصلا وكل فصل لا يتجاوز الثلاثة أشهر، هذه بالتأكيد غير كافٍ، فعلى الأقل يحتاج الدارس الراغب بتعلم اللغة وإتقانها من أربع إلى ست سنوات ليتمكن من إتقانها.
فلا أحد يتقن اللغة من تعلم كلمات منفردة أو حتى آلية كيف يصوغ جملة فهو بحاجة حقيقية لدراسة منهج حتى يتمكن من الإتقان، فعلى سبيل المثال حبذا لو تم وضع منهج كدراسة التاريخ والسياسة والثقافة والفلسفة بكتب ومناهج منفصلة يسأل الدارس من خلالها ويجيب على أسئلة الامتحان حينها سيتمكن من إتقان اللغة.
فوضع المعاهد التي تعطي دورات باللغة الفرنسية في وضعها الحالي لا يشجع على الانخراط أو حتى تكملة تعلم اللغة لأنها غير جاذبة بوضعها الحالي وغير محفزة بالإضافة إلى أنها لا فائدة منها.
البعض يريد التعليم ونحن بالتأكيد نرغب بمساعدة من يرغب بالتعلم وتعتبر بعض اللغات محورية حول العالم ومؤثرة وبالأخص كلغة مثل الفرنسية لأن هناك علما لن يجده أحد بإتقان إلا إذا ما درسه باللغة الفرنسية، هذا فضلا عن أن فرنسا دولة مهمة ومحورية، وهناك الكثير ممن يرغبون بمتابعة أخبارها وثقافتها ومتابعة برامجها التلفزيونية إلا أن الإعاقة هي اللغة.
وعلى الرغم من اهتمام السفارة الفرنسية بتأسيس معهد الفولتير وتوفير كوادر وطواقم ممتازة للعمل، إلا أن مشكلتهم في المنهج فهو لا يساعد أبدا على تعلم اللغة الفرنسية وإتقانها.
ونتمنى حقيقة أن يتم تأسيس معهد يدرس اللغة الفرنسية جيدا بحيث من يرغب بإتقان اللغة فعلا ستكون سنوات دراسته مفيدة ومجدية وستساعده على إتقان اللغة، وليس كما حال المعاهد الحالية الموجودة.