الحياة اليوم أصبحت سريعة الخطى ودائمة التغير، لذا كان لذلك أثر كبير في العلاقات الإنسانية والتفاعلات البشرية والأخلاق الجميلة التي كانت سائدة في وقت سابق، فتقدمت مفاهيم المصلحة الذاتية والأنا العليا، لتتراجع مفاهيم اللطف والرحمة والطيبة، في ظل الاضطراب الثقافي، والتقلب وعدم اليقين وصخب الحياة وكثرة تكاليفها وأعمالها، والتنافس والصراع من فترة إلى أخرى، وغياب قيم الخير في النفوس.
فظهرت بين الناس أخلاق ذميمة وسلوكيات عدوانية خاطئة، وأعمال سيئة أصابت المجتمع ببعض التصدع والانشقاق، نظرا لتغليب الجانب المصلحي النفعي وسيطرة المفاهيم المادية والمكتسبات الحياتية والانفتاح الحاصل للعالم من خلال التطور التكنولوجي حتى حكم مبدأ المصلحة في العلاقات الإنسانية.
مصلحتي الشخصية فوق كل اعتبار، كم هو من مبدأ قاصر النظر، عديم الإحساس، أناني!
لا يوجد مجتمع إنساني خال من العيوب والسلبيات، ولكن المجتمع الجيد والطموح هو ذلك المجتمع الذي يعرف سلبياته ويحاول جاهدا علاجه بكل وسيلة وطريقة، فالعلاقات الإنسانية تحولت لدى البعض إلى علاقات مصالح ليس أكثر، وتم التغافل عن معاني إنسانية عظيمة مما أدى إلى اختلال الميزان.
أبناؤنا يحتاجون إلى إنسانية حقيقية في علاقاتنا ذات وجه واحد وليست بوجهين، تخلو من أي مصالح مادية وسياسية، حتى يتمكنوا من العيش بأمن وسلام يحلمون ويبدعون، يمتلكون روح التحدي والريادة.
تسقط الأقنعة عندما تنتهي المصالح، ولكن الدنيا تدور والوجوه تتقابل من جديد في ظروف مختلفة، وعندها لن يكون هناك وقت لارتداء أقنعة جديدة!
إننا بحاجة لتأكيد المعيار الأخلاقي والقيم الإنسانية وتطبيق الأنظمة من دون محاباة أو وجاهة أو مجاملة، لكي لا تطغى علاقة المصلحة الفردية والأنانية على سلوكنا ونصبح مجتمعات مادية لا روح ولا جمال فيها.
إذا كان مقام الاختلاف يقتضي التناصح بين المختلفين، وقبول الحق ورد الباطل، وتصويب المخطئ، فإن مقام اجتماعهم في الوطن يقتضي التعايش فيما بينهم والتعاون على حفظ مصالحهم الإنسانية المشتركة، التي تفرض على الجميع أن يكونوا يدا واحدة يحمون سفينتهم من أن يؤثر فيها أي ريح.
في الحياة هناك أناس انشغلوا بالسلبيات فلم يحققوا تقدما، بل إنهم حاولوا أن يعيقوا المتقدمين، وأنت أين من هؤلاء وأولئك؟ هل تنشغل بما حولك؟ أم تتقدم للعمل؟ تبني ولا تهدم؟
تفكيرك الكثير في السلبيات يفقدك حياتك، لذلك ابنِ ثقة مع الآخرين، ابنِ جسور محبة، ابنِ أعمالا للوطن، اذهب في رحلة كونية يوميا، تفكّر في كل ما يحيط بك وكل ما تسمع عنه أو تراه، تعمق في فهم السبب الأساسي في وجودك على هذه الأرض، أيقنه جيدا وابحث في القيم الإنسانية من حولك، عززها في نفسك وتعلم من الجميع.
٭ عز الكلام: إنسانية المصالح هي الإحساس بالآخر في صور متنوعة منها: «ضمير العمل» الذي لا يتأثر بالمصالح، الذي يعلي العام على الخاص، وهو الذي يجعل الشعوب تتقدم وتحترم الإنسان كيفما يكون. «السلوك» الذي لا يتأثر بالشهوة، بل إنسان لديه سلوك مستقيم يميز بين الأبيض والأسود واضح ولا يسير في الرمادي يسلك بخوف الله مع كل أحد يتعامل معه. «الخير» الرحمة والشفقة أن تشعر بأخيك، بجارك، بزميلك في العمل، حتى بالآخر الذي لا تعرفه.
[email protected]
Nesaimallewan