- 63 % من موظفي القطاع العام شهاداتهم بين الثانوية والدكتوراه.. لكن إنتاجيته ضعيفة
- مخرجات التعليم التطبيقي في مختلف المجالات مازالت فاقدة الصلة بسوق العمل
- للكويت جامعتان فقط ضمن تصنيف «QS» العالمي للجامعات
- الحديث عن الإصلاح دون ثورة تنقذ التعليم الاكاديمي لن تحقق سوى سراب
قال تقرير الشال الأسبوعي إنه بعد إنشاء جامعة الكويت في 1966، وكانت موزعة ما بين ثانوية الشويخ ومبانٍ مدرسية أخرى في مجموعة من مناطق الكويت السكنية، تبنت الحكومة مشروع تأسيس جامعة شاملة في بداية ثمانينيات القرن الفائت، واحتاج الأمر نحو 40 سنة لإتمامه بعد أن تضاعفت التكلفة عدة مرات وتعرضت مبانيها لسبع حرائق.
وخلال تلك الفترة الطويلة، تضاعفت أعداد خريجي الثانوية العامة عدة مرات حتى بلغت نحو 44.6 ألف طالب في العام الدراسي 2020/2021 شاملا خريجي تعليم الكبار، وبمعدل نمو سنوي مركب بنحو 6.2% للسنوات السبع الأخيرة.
ولاستيعابهم خلال فترة الانتظار الطويلة حتى انتهاء بناء الجامعة الحكومية، وإضافة إلى الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، تم تأسيس 15 مؤسسة تعليم عال خاصة عاملة، إضافة إلى 5 مؤسسات تعليم عال خاصة أخرى تحت التأسيس.
ومازالت مؤسستا التعليم العالي الحكومي هما الأكثر استيعابا لأعداد الطلبة، حيث بلغ عدد الدارسين فيهما نحو 77 ألف طالب في العام الدراسي الفائت، أو نحو 66% من إجمالي طلبة التعليم العالي.
ومازالت جامعة الكويت تضم 16 كلية إلى جانب الدراسات العليا، وهي بذلك الأكبر، ومازال ضمنها بعض الكليات المتفوقة، ولكن، تصنيفها وفقا لمؤشرات متنوعة للأداء، انحدر إلى ما بعد الألف جامعة الأفضل في العالم وفق «QS World University Rankings»، ومازالت مخرجات «التطبيقي» فاقدة الصلة بسوق العمل.
وفي بلد تسيطر فيه الدولة على نحو 90% من الأراضي، وأسعار الأراضي الباهظة وغير المبررة بالتبعية، تجعل إقامة أي مشروع خدمي أو سلعي منافس شبه مستحيل، ارتبطت إمكانية إنشاء مؤسسة خاصة للتعليم العالي بشكل شبه كامل بمنحة أرض من أملاك الدولة لعدد محدد من السنين.
ولكن المشكلة تكمن في أن عدد السنين ثابت وقصير، ما يمثل عامل ضغط لاستعادة كل الاستثمار المالي في المشروع وأرباحه بأسرع وقت ممكن، مما قد يرجح أفضلية العامل التجاري على العامل التعليمي، ولا أحد يلحظ انخفاض مستوى مخرجات التعليم ما دام ربط راتب الوظيفة العامة بالشهادة بغض النظر عن المستوى أو التخصص أو حتى الحاجة، ولا فرق إذا ما كانت الشهادة حقيقية أو مزورة، لذلك، نحو 63% من موظفي القطاع العام من حملة شهادات ما بعد الثانوية إلى الدكتوراه، وإنتاجية القطاع ضعيفة جدا.
وتشير تقديرات «الشال» إلى أن تكلفة الطالب في جامعة الكويت تبلغ نحو 13 ألف دينار سنويا وفي التطبيقي 8 آلاف دينار، وتكلفة الطالب المبتعث إلى الخارج نحو ضعف تكلفة طالب جامعة الكويت، بينما يبلغ معدلها لجامعات التعليم العالي الخاص ما يتراوح بين 6.5 و7.5 آلاف دينار، ولكليات التعليم العالي الخاص ما يتراوح بين 4.5 و5.5 آلاف دينار.
وكما في حالة التعليم العام، المشكلة ليست في شح المال، وإنما في هدره وسوء توزيعه، وضمن تصنيف «QS» للجامعات، هناك 48 جامعة عربية ضمن قائمة أفضل 1000 جامعة في العالم، للسعودية 14 جامعة ضمنها، ومنها جامعتان بالترتيب 109 و163، وللإمارات 11 جامعة ضمنها جامعة بالترتيب 183، ولبنان 8 جامعات، والأردن 4 جامعات، والبحرين 3 جامعات، بينما للكويت جامعتين فقط.
ونكرر بأن التعليم أولوية أولى، وأي حديث عن الإصلاح دون ثورة تنقذه لن تحقق سوى سراب، وتكلفة الطالب في الجامعة الحكومية وفق تقديراتنا ضعف تكلفة طالب المؤسسات التعليمية الخاصة، وهو أمر مقبول لو ارتبط بصعود تصنيفها وغزارة أبحاثها وتفوقها بالمستوى على مؤسسات التعليم الخاص، ولكن ما يحدث هو العكس تماما، وهو ما يتطلب علاج جوهري.
علاوة على أن منح الأراضي لفترة زمنية موحدة لمؤسسات التعليم الخاص إجراء خاطئ، والصحيح في تقديرنا هو ربط المدة بالتقدم ضمن فئات التصنيف العلمي، حتى لو امتد منحها إلى 100 عام لمن يستمر في كسر أرقام التصنيف إلى الأفضل، وتسحب من الفاشل، فما هو على المحك ليس المال، وإنما صناعة الإنسان.