القضاء العادل أساس الملك، به سادت الأمة الإسلامية قديما، والأمة الغربية حديثا، صلاحه سكينة للعباد، ونماء للبلاد، إذا تزعزعت أركانه هدم البنيان، وسقط العمران، وفسدت الأسر، وهلك الحرث والنسل.
تفاءلنا خيرا بالاختيار السامي لسمو الشيخ أحمد النواف رئيسا للوزراء، ولم تمض أيام حتى رأى الناس الغيث ينهمر، وبوادر التصحيح تلوح في الأفق، فانطلق القطار مبتدئا بالسلطة القضائية، ولم نفاجأ بما أصدره رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار أحمد العجيل من قرارات جريئة، وإصلاحات تعلن لأول مرة، أشعلت لهيب القلوب للمزيد من التحركات.
ما نراه اليوم من تعديل مسار القضاء يمضي في هدوء ونعومة، ولعلنا نرى خلف هذا الهدوء سيلا جارفا من القرارات التصحيحية لسلك القضاء، وخطوات للمحاسبة والمساءلة غير مسبوقة ستزلزل عروش من كانوا متنفذين ومتسلطين على خيراتنا حينا من الدهر، وستسقط الأقنعة عن كثير ممن ادعى الوطنية وحب الكويت والحفاظ على المال العام.
الرهان اليوم على إعادة الحياة لهذا البلد الطيب الذي استغل طيبته المجرمون والجشعون وضعاف النفوس، فلا مكان لمن لا يعمل والمحاسبة بانتظاره، سيرسو العدل، و«لا» لإطالة أمد التقاضي، الناس سواسية، التكويت في الصروح القضائية سيتم خلال 4 سنوات، تغييرات كبيرة في المناصب، جريمة تزوير الجناسي لا تسقط بالتقادم ولو مضى عليها 100 عام، ملاحقة ناهبي المال العام وفق القانون، فتح ملفات قضايا غسيل الأموال التي كانت سابقا تخضع لـ «الطمطمة».
منذ سنوات لم نسمع بمثل هذه العناوين العريضة، والجمل الجريئة، فهل سيتحقق حلم المخلصين من أبناء الكويت، وهل ستعود ديرتنا درة للخليج، وهل سيحاسب الكبير والصغير؟ حلم لعله أقرب لأن يتحقق بوجود أمثال سمو الشيخ أحمد النواف والمستشار أحمد العجيل.
البلد يحتاج إلى من يعمل لا إلى من يتكلم، 69 وكيل نيابة و18 وكيلة أدوا اليمين القضائية أمام المستشار، وأقوى قرار اتخذ برأيي الشخصي إنهاء ولاية 100 من قضاة معارين من إحدى الدول العربية وعودتهم إلى بلادهم، وهؤلاء نقول لهم شكرا لكم، ويبقى السؤال: من المستفيد الذي كان وراء جلب كل هؤلاء إلى الكويت، والاستغناء عن القضاة الكويتيين؟!، هل أرحام الكويتيات عقيمة عن إنجاب من يقضي بالعدل ويحكم بما يرضي الله؟!، ربما عرفنا الآن لماذا نحن في انحدار وتراجع إلى الوراء.
آلاف الكويتيين يحملون شهادات القضاء، فبأي منطق نستعير قضاة من دولة أخرى، ماذا يعرف هؤلاء عن الكويت وأهلها وعاداتهم وتقاليدهم حتى يحكموا بيننا؟! ولماذا يرفض الكويتيون؟ من وراء هذه السياسة لجعل المواطن رهينة للمقيم في كل شيء.
شكرا سعادة المستشار فبعد 4 سنوات سنشعر بأن السيادة القضائية عادت لنا، وأهلا وسهلا بكل مقيم تحتاج إليه الكويت لكن ليس على حساب بطالة ابن الكويت وحمله على الاقتراض من البنوك ثم عجزه وتدمير مستقبله في السجون.
وأخيرا نقول: امض يا سمو رئيس الوزراء للإصلاح ونحن والمخلصون من رعيتك معك، نتابع وندعو أن يسدد الله خطاكم، وأن تكون لكم بطانة خير من الوزراء والمستشارين تعينكم على التطوير والتصحيح، فالتركة ثقيلة، لكنكم أهل لها.