من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية.
ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.
أصدرت شركة «آراء» للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر يوليو 2022، وذلك بالتعاون مع «الأنباء» وبرعاية «لكزس»، حيث تجاوز معدل المؤشر العام كافة المعدلات السابقة خلال سنوات، مسجلا 118 نقطة، مضيفا الى رصيده الشهري 9 نقاط، ومتجاوزا معدله السنوي مقارنة بشهر يوليو 2021 بـ 17 نقطة.
والملاحظ ارتفاع كافة معدلات البحث بين 37 نقطة كحد أقصى و5 نقاط كحد أدنى، باستثناء معدل مؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا حيث تراجع نقطتين.
وفي ضوء ذلك، يتطلب ارتفاع معدل ثقة المستهلكين بالكويت التوقف عنده مليا، وتحليل العوامل الرئيسية لتحقيقه في ظروف صعبة ومعقدة على مختلف الصعد العسكرية والاقتصادية والمالية وفي معظم دول العالم، وفي مقدمتها الحرب الروسية - الأوكرانية، والتوتر العسكري المتصاعد في مضيق تايوان، والاعتداءات العسكرية الإسرائيلية على غزة.
وعلاوة على مستوى التضخم الذي لا يطول فقط الدول النامية كلبنان الذي ارتفعت فيه مستويات التضخم بأرقام فلكية وغير مسبوقة أدت الى انهيار أسعار الليرة اللبنانية، كما طالت ظاهرة التضخم المرتفع المستوى عدة دول، منها إيران وتركيا وصولا إلى أكثر الدول تطورا التي تشكوا من ارتفاع مستويات التضخم غير المسبوق.
وفي دول الاتحاد الأوروبي تجاوزت نسبة التضخم نحو 9% وفي الولايات المتحدة الأميركية لامست 10% بالرغم من إجراءات المصارف المركزية برفع الفوائد ما أدى الى ارتفاع أسعار الوقود والسلع والمواد الغذائية وما نتج عنه من لجم مستويات ثقة المستهلك في معظم بلدان العالم.
ويرتكز شبه انفراد الكويت بارتفاع ثقة المستهلكين على عدة عوامل معظمها عوامل داخلية إيجابية، وفي مقدمتها ارتفاع حجم الدخل الوطني معتمدا بالدرجة الأولى على الارتفاع الكبير في أسعار النفط ونمو حجم الطلب في الأسواق حيث يرتقب إنتاج 2.75 مليون برميل يوميا.
كما يتوقع ارتفاع مستوى النمو الاقتصادي الكويتي خلال العام الحالي بنسبة 8%، وبعد تجاوز ظاهرة العجز في الموازنة يقدر الفائض في موازنة السنة الحالية ما نسبته 18% من الناتج المحلي، بالإضافة الى النجاح البارز لبورصة الكويت التي انفردت على الصعيد العالمي بمواجهة العوامل السلبية وسجلت خلال النصف الأول أرباحا بلغت 5.19%، بينما سجلت بورصات العالم خسائر تراوحت بين 2.9% و29.5%.
وبالإضافة إلى هذه العوامل الداخلية التي ساهمت في إيجاد الشروط الخصبة لرفع مستوى ثقة المستهلكين في الكويت، لا بد من الإشارة إلى الدور الرسمي الذي دعم وأمن شروط نمو الثقة وهي المحافظة القصوى في حماية القدرة الشرائية للعملة الوطنية وحصر مستويات التضخم النقدي ضمن الحدود الممكنة، ومراقبة الأسعار وضبط حركة أسواق الاستهلاك وتأمين شروط الدعم للسلع والمواد الغذائية وتأمينها أي ضمان الاستقرار الغذائي.
في ضوء المعطيات والوقائع التي قاربناها في مستهل هذا البحث، سنتوقف لنتابع مسار ثقة المستهلكين في الكويت حول مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي ومؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا بهدف المتابعة الميدانية لقناعات مختلف مكونات البحث حول الأوضاع الاقتصادية.
سجل مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي معدل بلغ 104 نقاط بإضافة 9 نقاط خلال شهر، وبرز في هذا المجال تطور وارتفاع مستويات الثقة في العاصمة، حيث أضافت على معدلها السابق 30 نقطة للمؤشر العام و29 و38 نقطة متتالية لمعدل الاقتصاد الحالي والمتوقع مستقبلا، كما رفعت معدلات المؤشرات الأخرى.
استهلاك السلع المعمرة يقفز إلى مستوى غير متوقع
ارتقى معدل مؤشر آراء لشراء المنتجات المعمرة في الكويت خلال شهر يوليو 2022 الى مستوى غير متوقع في الظروف الراهنة ومسجلا 144 نقطة بإضافة 37 نقطة على رصيده الشهري، ومتجاوزا رصيده السنوي 47 نقطة.
هذا الارتفاع يتطلب تقييما معمقا نظرا للانكماش العالمي لمستوى الاستهلاك بضغط من التضخم النقدي العالمي وغلاء المواد الاستراتيجية الأساسية، لاسيما النفط والغاز، فضلا عن الصعوبات التي تواجهها سلسلة الموارد وبما فيها بعض المواد الغذائية مثل القمح، مما أدى ليس فقط الى بطء حركة الأسواق بل إلى انعدام الأمن الغذائي في عدة بلدان.
اللافت في معطيات البحث أن 20 مكونا للدراسة من أصل 26 عبروا عن إقبالهم على رفع مستوى مشترياتهم خلال شهر يوليو، والبعض منهم رفع مستوى معدلهم السابق الى مستويات غير مسبوقة.
مؤشر فرص العمل يتراجع
انفرد مؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا بتسجيل معدل سلبي، حيث سجل 150 نقطة متراجعا نقطتين خلال شهر. فمكونات البحث انقسمت بالتساوي بين من منح المؤشر ثقته ورفع مستوى ومعدله والنصف الآخر من المستطلعين أبدى تحفظه بتراجع مستوى معدله السابق ولو بنسب متفاوتة بين مكونات البحث، كنموذج ذلك:
رفعت محافظة الجهراء معدلها لمؤشر فرص العمل المتوافرة حاليا إلى 216 نقطة بإضافة 49 نقطة خلال شهر، كما عززت العاصمة رصيدها 30 نقطة ومحافظة الفروانية 27 نقطة ومحافظة حولي 5 نقاط إضافية.
من جهة أخرى، تراجع رصيد محافظة الأحمدي 72 نقطة ومحافظة مبارك الكبير 33 نقطة.