أثار التحذير الذي أطلقه منذ فترة أمين عام الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش جدلا واسعا بين الأوساط السياسية، هذا فضلا عن الهلع الذي أصاب العامة من شدة الدهشة بما حواه ذلك التحذير، وهو أن «العالم أجمع معرض لإبادة نووية».
وبما أن ذلك التحذير صادر من أعلى منظمة أممية، فبالتأكيد لابد أن يؤخذ على محمل الجد، ومن الضروري البدء بتسخير كل الجهود لمنع مثل هذه الإبادة أن تندلع.
فنحن المسلمين لدينا تعويذة تقول «اللهم قنا شر علم لا ينفع»، وبالطبع يعتبر السلاح النووي الذي تم اختراعه وتسبب على مدى التاريخ بمجازر لا تحصى من أول العلوم التي فعلا يستحق التعوذ منه لأن مثل هذا السلاح لا ينفع.
فالحرب متى ما اندلعت لابد أن تكون في جبهة القتال وبين المتقاتلين العساكر، وأي ضرر يلحق بالمدنيين الأبرياء والأطفال يعتبر جريمة حرب نكراء أبدا لا مبرر أو عذر لها على الإطلاق.
فدائما هناك مبررات للحروب متى ما وقعت، ودائما المتقاتلون في ساحة المعارك لديهم أسبابهم التي تعنيهم، البعض يكون محقا في المشاركة بالحرب لدفع الضرر والأذى وحماية حدوده من الانتهاكات، والآخر معتد ولديه أسبابه التي غالبا ما يكون هدفها السيطرة والقوة وفرض النفوذ، وبالتأكيد النفوذ الذي يأتي من جراء القتل والحرب يكون نفوذا إجراميا، وأبدا لا أعذار لمختلقي أسباب الحروب حين يكون هدفهم الهيمنة والسيطرة.
فالحلول اليوم بيد الأمم المتحدة وجميع الدول مسؤولة عن تجريم تصنيع الأسلحة النووية، بما أن مثل هذا السلاح قد يؤدي إلى إبادة جماعية لأناس لا علاقة لهم بأسباب هذه الحروب.
أعتقد أن العالم كله لابد أن يقف ضد تصنيع أي سلاح يهدد الأرواح البشرية جمعاء ويؤدي إلى تلوث البيئة وما سينتج عنها من آثار تلحق بالضرر على الكائنات الحية كلها وليس فقط البشرية.
حقيقة لن نقبل بأن نعود إلى زمن الحروب التي كانت في عصر الجاهلية، حيث لا اتفاقيات مبرمة ولا معاهدات تمت المصادقة عليها، ومن يريد القتال لأجل السيطرة، فعلى المتقاتلين ألا يتعدوا ساحة المعارك.
فالكل مؤمن بأن الحياة والموت بيد الله وحده، وهو القادر وحده على الإبادة الجماعية وعرضنا على الصراط ليأخذ كل ذي حق حقه، ولكن المفاوضات وعدم إهمال مثل هذه التصريحات بالتأكيد مسؤولية الجميع.
فاليوم العالم كله يقف ضد بعض الدول التي تصنع النووي ومورس ضدهم عقوبات لأجل الاتفاق النووي وهم لم يبتكروا السلاح النووي، بل استقوه ممن اخترعه، والأجدر بالتأكيد أن مثل هذا السلاح الإرهابي لابد أن يتم التوقف عن تصنيعه في جميع الدول.
فعقدة الدولة الوحيدة التي تحكم العالم لا وجود لها، فالله وحده هو من يحكم العالم، وكل دول العالم ملزمة باتفاقيات ومعاهدات، وملتزمة بحدودها ويحكمها القانون الدولي، لذا ليس لأجل السيطرة على العالم يتم تصنيع أسلحة دمار شامل تهلك البشرية جمعاء لأجل مجانين القوة والنفوذ.
البعض يجد أن الحروب التي تندلع في أنحاء العالم قد تكون بعيدة عن حدوده ولا تعنيه، ولكنها على خلاف ذلك لأننا جميعا إخوة في الإنسانية، جميعنا أبناء آدم وحواء ولا نقبل بتدمير الأجيال وتدمير الاقتصاد وزعزعة الاستقرار في جميع الدول.
وهذا أمر مهم وليس فقط من الجوانب الإنسانية، بل هناك قانون دولي عام لابد أن يحترم من الجميع، لأن لغة القانون اليوم هي الحاكمة ولن نقبل بالأسلحة النووية.