عادت الاشتباكات المسلحة بين الفصائل المتناحرة والانفجارات لتضرب ليبيا من جديد وسط استمرار الأزمة السياسية التي تعرقل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية منذ أشهر.
فقد شهدت العاصمة طرابلس أحدث وأطول اشتباكات منذ شهور، إثر اندلاع قتال عنيف بين عدة فصائل مسلحة تبادلت خلاله إطلاق النار بكثافة مع دوي أصوات عدة انفجارات في أنحاء المدينة.
وقال شهود إن الاشتباكات اندلعت في وسط العاصمة بعد أن هاجمت واحدة من أقوى الجماعات في طرابلس قاعدة فصيل منافس مساء امس الاول ما أدى إلى اندلاع إطلاق نار لساعات ما أثار الرعب بين السكان المحليين وزاد من احتمالات حدوث تصعيد أوسع.
وأظهرت صور ومقاطع مصورة تم تداولها على الإنترنت لوسط طرابلس عربات عسكرية مسرعة في الشوارع ومقاتلين يطلقون النار وسكانا يحاولون إخماد الحرائق.
وقال عبدالمنعم سالم، من سكان وسط طرابلس «هذا مروع. لم أستطع النوم أنا وعائلتي بسبب الاشتباكات. كان الصوت مرتفعا جدا ومخيفا للغاية».
وعبرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن قلقها إزاء هذا القتال وما شمله من قصف بالأسلحة الثقيلة لأحياء مأهولة بالسكان المدنيين.
بدورها، أكدت الولايات المتحدة الأميركية أنها قلقة للغاية بشأن الاشتباكات العنيفة في طرابلس مع تقارير عن سقوط ضحايا مدنيين وتدمير للممتلكات.
وقالت السفارة الأميركية بطرابلس، في بيان عبر صفحتها بموقع «فيسبوك» امس «إننا نقف إلى جانب الشعب الليبي في الدعوة إلى الحوار السلمي».
وذكر بيان لحكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة أن اشتباكات العاصمة اندلعت بسبب إطلاق مقاتلين متحالفين مع فتحي باشاغا النار رئيس الحكومة المنافسة المعينة من قبل برلمان طبرق شرقي ليبيا، على «رتل» في المدينة، بينما احتشدت مجموعات مسلحة أخرى موالية لباشاغا خارج طرابلس.
واتهمت حكومة الدبيبة باشاغا «بالتهرب» من المحادثات لحل الأزمة السياسية في البلاد، وقالت إن «الطرف الممثل للمدعو فتحي باشاغاقد تهرب في آخر لحظة بعد أن كانت هناك مؤشرات إيجابية نحو الحل السلمي بدلا من العنف والفوضى».
وأكدت: «لن نتراجع عن مسؤولياتنا تجاه الوطن والشعب وحفظ الأمن والاستقرار وقطع يد كل من أثار الفوضى والفتنة داخل مدينة طرابلس».
وطالب الدبيبة خلال اجتماعه مع قادة مجلس الدفاع والأمن المشكلة من المجلس الرئاسي امس بالتدخل لفض الاشتباكات في العاصمة طرابلس، حسبما افادت قناة «ليبيا بانوراما» امس.
في المقابل، قالت حكومة باشاغا في بيان مضاد إنها لم ترفض المحادثات مطلقا، متهمة الدبيبة برفض كل مبادراتها.
وقال المكتب الإعلامي لحكومة باشاغا في بيان صحافي أوردته قناة «ليبيا الأحرار» امس إن «باشاغا رحب طوال الأشهر الستة الماضية بكل المبادرات المحلية والدولية لحل أزمة انتقال السلطة سلميا، دون أي استجابة من حكومة الدبيبة».
وأضاف: «لقد اتضح جليا تعنت وتشبث الحكومة منتهية الولاية ورئيسها بالسلطة، وأصبح واضحا لكل الليبيين أن هذه الحكومة مغتصبة للشرعية». ولم يذكر بيان حكومة باشاغا بشكل مباشر ما إذا كان لها صلة بالاشتباكات في طرابلس.