العدل أساس الملك، أما في الشويخ الصناعية، فالعدالة ضائعة، والظلم ضارب أطنابه بعمق، والفساد مقنن، والرقابة متهالكة، والعقود والعهود نقعت وشرب ماؤها، ومهابة الدولة سقطت، وحقوق الوطن سلبت، وأراضي الدولة ابتلعت، تباع وتشترى وتؤجر على مرأى من بعض المسؤولين.
أنشئت هذه المنطقة في الخمسينيات بداية النهضة، وتم توزيعها على التجار بمسمى «حوطة» لتخزين بضائعهم بصفة استئجار ليشاركوا الدولة في توفير مواد النهضة كالاسمنت والحديد والأخشاب.. إلخ.
وكان الإيجار بأسعار جدا رمزية (10 فلوس للمتر المربع) حتى لا يرتفع سعر السلعة نتيجة إضافة إيجار المخزن على سعر السلعة، رأفة من الحكومة بالمواطنين، وكانت المخازن مجرد سور وبوابة وغرفة حارس، ولكن بذكاء التجار، أضافوا رخصة لبقالة لتخدم الحراس، ثم أضافوا تصليح إطارات (بنشرجي) ليخدم سيارات النقل، ثم كهربائي، وكل يوم إضافة، حتى أصبحت أسوار المخازن كأنها عقد ألماس على صدر حسناء من شدة بريق الإضاءات، ولأن الحكومة «طيبة» وحتى تبرئ نفسها اشترطت في البداية أن تكون كل الرخص باسم صاحب (المخزن) حتى لا يؤجر من الباطن، ثم بقدرة قادر أصبح التأجير والرخص للجميع بمباركة الحكومة، لم يكتفوا بمحلات على الشارع فقط بل توسعوا فأنشأوا المحلات ببطن المخازن لتتضاعف المحلات، ولم يكتفوا بل تمادوا وأصابهم شعور بملكية الأرض فأقاموا على أرض الدولة مجمعات تجارية ومولات يؤجرونها بأسعار نارية ويقطفون ثمار أرض الدولة ويكنزون من بحرها الذهب والفضة بمرأى من الجميع، أما المواطن الفقير لو أراد فتح دكان في بيته الذي اشتراه من حلاله ودم قلبه فستقوم عليه الجهات المختصة لتطبيق القوانين، ولو أراد زيادة غرفة لابنه في بيته يا ويله ويا سواد ليله. (تلك إذاً قسمة ضيزى) كما وصفها الله سبحانه وتعالى. إنها عدالة شيطانية، خدعونا بقولهم: المواطنون سواسية.. والقانون فوق الجميع.
كل الاحترام والتقدير للتاجر الصادق الذي مازال يستخدم أملاك الدولة مخازن ومكتبا له حسب الغرض الذي استأجرها له من الدولة، واستخدمها لتجارته وأعماله هو، وليس للتأجير.
إن ما نشاهده في هذه المنطقة هو فوضى مدمرة، وبرميل بارود وسط مناطق سكنية، سيارات مكدسة مملوءة بالبنزين، وشرار ورش الحدادة، وأصباغ سريعة الاشتعال ومخازن أخشاب، عدا تلوث الهواء ومخلفات المصانع من زيوت وغيرها تسد المجاري العامة.
أخشى من كارثة غير متوقعة كما حصل بمرفأ بيروت، انفجار لم يكن على البال نتيجة إهمال الحكومة وأبناء البلد، أما في الكويت فالغالبية وافدون لا تهمهم إجراءات الأمن والسلامة والذوق العام.
هذه المنطقة تفتح أبوابا لجهنم في الدنيا والآخرة.
إن منطقة الشويخ الصناعية ومثيلاتها «أرواح وأموال وأراضٍ» أمانة، ويجب الحرص على حفظ الحقوق.
[email protected]