أسفر أسوأ قتال تشهده العاصمة الليبية منذ عامين عن مقتل ما لا يقل عن 32 شخصا وإصابة أكثر من 159 آخرين فيما أخفقت القوات المتحالفة مع حكومة فتحي باشاغا التي يدعمها برلمان طبرق في طرد نظيرتها الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها.
وهذه هي ثاني محاولة من جانب حكومة باشاغا للسيطرة على طرابلس منذ مايو الماضي.
وبعد يوم دام، ازدحمت الطرق في طرابلس بالسيارات، وفتحت المتاجر أبوابها وأزال الناس الزجاج المحطم وأنقاض أخرى خلفتها أعمال العنف التي وقعت أمس الاول، فيما تناثرت سيارات محترقة في بعض الشوارع في وسط المدينة.
وذكرت شركات طيران في ساعة مبكرة من صباح امس أن الرحلات تعمل بشكل طبيعي في مطار معيتيقة في طرابلس، في مؤشر على استقرار الوضع الأمني.
وقالت وزارة الصحة الليبية في بيان عن احدث حصيلة لضحايا الاشتباكات أن 32 شخصا قُتلوا، وأصيب 159 آخرون بجروح، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إنهاء فوري للعنف وإلى حوار حقيقي لتجاوز المأزق السياسي في ليبيا.
ويظهر فشل باشاغا في الإطاحة بالدبيبة أنه على الرغم من فترة إعادة الاصطفاف بين الفصائل المسلحة في العاصمة وحولها، مازال بإمكان حكومة طرابلس الاعتماد على تحالف عسكري قادر على التصدي لأعدائها.
وبدا أن عدة جماعات متحالفة مع باشاغا في طرابلس فقدت السيطرة على أراض داخل العاصمة أمس الاول في حين باءت محاولات القوات غربي وجنوبي المدينة للتقدم إليها بالفشل.
ووفقا للتلفزيون الرسمي الليبي انسحبت قوات مسلحة تابعة لباشاغا من معسكر 7 أبريل ومنطقة بوابة جبس، جنوب طرابلس، فيما سيطرت قوات داعمة للدبيبة على المعسكر والمنطقة المذكورين.
وعاود رتل عسكري كبير موال لباشاغا أدراجه قبل أن يصل إلى العاصمة، بعد أن انطلق من مصراتة شرقي طرابلس حيث يقيم باشاغا منذ أسابيع.
ومع ذلك لاتزال القوات المتحالفة مع باشاغا تحتفظ بمواقع مؤثرة حول العاصمة، في حين تبدو قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر متأهبة.
وقال أسامة الجويلي، القائد الكبير في القوات المتحالفة مع باشاغا، إن قتال يوم السبت اندلع بسبب الاحتكاك بين الجماعات المسلحة في العاصمة. لكنه أضاف في تصريحات لقناة «الأحرار» التلفزيونية أن محاولة استقدام حكومة بتكليف من البرلمان «ليست جريمة».
جاء ذلك فيما ألمح رئيس الهيئة العليا لقوى التحالف الوطنية توفيق الشهيبي، إلى احتمال بدء تفاوض غير مباشر محتمل بين باشاغا والدبيبة.
واعتبر الشهيبي أن الوضع قد يتجه خلال اليومين القادمين إلى مسار التفاوض غير المباشر بين رئيسي الحكومة المتنافسين، إلا أنه لم يكشف المزيد من التفاصيل.
في هذه الأثناء، عبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها العميق إزاء الاشتباكات المسلحة المستمرة - بما في ذلك القصف العشوائي بالأسلحة المتوسطة والثقيلة في الأحياء المأهولة بالسكان المدنيين في طرابلس - مما تسبب في وقوع إصابات في صفوف المدنيين وإلحاق أضرار بالمرافق المدنية بما في ذلك المستشفيات.
ودعت البعثة الأممية، في تغريدة على «تويتر»، إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، وذكرت جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والمنشآت المدنية، كما أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أونسميل» ضرورة امتناع كافة الأطراف عن استخدام أي شكل من أشكال خطاب الكراهية والتحريض على العنف.
وفي سياق متصل، حث السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند جميع الأطراف على تقريب وجهات النظر بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة حول قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، وتحديد موعد مبكر لها.
وأعرب نورلاند، حسبما أفادت قناة «الحرة» الأميركية امس عن إدانة واشنطن لاندلاع أعمال العنف في طرابلس، داعيا إلى إجراء مفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة وإنشاء ممرات إنسانية لإجلاء الضحايا والمحاصرين.