في مراسم اسطورية لم يعتد البريطانيون عليها، أعلن مجلس العرش تشالز الثالث ملكا للمملكة المتحدة.
وفور اعلان وفاة الملكة إليزابيث، البالغة من العمر 96 عاما يوم الخميس، بدأ في بريطانيا تنفيذ عملية «جسر لندن» وعملية «يونيكورن» في اسكتلندا حيث توفيت الملكة في قصر بالمورال، والخطتان تفصلان بدقة متناهية الخطوات والمراسم التي تجري منذ الوفاة وحتى انتهاء يوم الجنازة.
ورغم أن تشالز الثالث البالغ 73 عاما، خلف والدته على الفور، لكن مجلس العرش انعقد أمس، لأول مرة منذ سبعين عاما حين انعقد لتنصيب الملكة اليزابيث عام 1952، لإطلاق وقائع تنصيب الملك الجديد في قصر سانت جيمس جريا على تقاليد تمتد الى عدة قرون.
وفي مراسم تشبه الحكايات في قاعة مهيبة بقصر سانت جيمس مزخرفة باللونين القرمزي والذهبي، بثت وقائع التنصيب للمرة الأولى على التلفزيون مباشرة، بموافقة الملك نفسه، حيث لم تكن وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي متاحة للجميع سابقا كما هي عليه الآن. ولم يكن يسمح للعامة بالاطلاع على هذه المراسم.
وجرت على مرحلتين الأولى قام فيها كاتب المجلس ريتشارد تيلبروك بإعلان أن «الأمير تشالز فيليب آرثر جورج هو الآن، بوفاة جلالتها... ملكنا تشالز الثالث... حفظ الله الملك».
وردد أعضاء المجلس المجتمعين عبارة «ليحفظ الله الملك»، تزامنا مع اطلاق المدفعية الملكية 41 طلقة تحية للملك الجديد في انحاء بريطانيا.
ثم دخل الملك ليتسلم المهام بحضور مئات من أعضاء المجلس ومن بينهم رئيسة الوزراء ليز تراس وجميع أسلافها وزوجة تشالز كاميلا وابنه البكر ولي العهد وليام.
وأدى قسم الحفاظ على كنيسة اسكتلندا. وقرأ تشالز اعلان قبوله المنصب حيث قال في كلمته إنه «يدرك جيدا الواجبات والمسؤوليات الكبيرة» المناطة بالملك.
وقال إن والدته «قدمت مثالا للحب اللامتناهي والتفاني في الخدمة» واعدا بالاقتداء بها. وأضاف «أعلم بأنني سأكون محاطا بمودة وولاء الشعوب التي دعيت لأن أكون على رأس دولها».
وأضاف «في تحمل هذه المسؤوليات، سأعمل جاهدا لاتباع المثال الملهم الذي تم إرساؤه لدعم الحكومة الدستورية والسعي لتحقيق السلام والوئام والازدهار لشعوب هذه الجزر ودول الكومنويلث والمقاطعات في جميع أنحاء العالم».
وأكد بأنه يتشجع «بدعم زوجتي الحبيبة».
و تعهد، بتكريس الباقي من حياته للقيام بدوره تجاه البلاد، والذي وكل إليه بوفاة والدته الملكة إليزالبيث الثانية.
وكان قال في بداية كلمته إن «أكثر مهامي حزنا أن أعلن وفاة والدتي الحبيبة ملكة البلاد.. أدرك حجم تعاطف الأمة والعالم أجمع لهذه الخسارة».
وأضاف: «ضربت الملكة الراحلة مثالا لحب وخدمة الوطن المتفانية طوال العمر، وأنها حكمت البلاد لفترة لا تضاهى في المدة والتفاني»..
ثم وقع الملك والشهود من اعضاء المجلس الوثائق الرسمية. وبعد ذلك، ومن شرفة تطل على فناء فريري في قصر سانت جيمس، تلا كبير الضباط النبلاء ديفيد وايت، برفقة آخرين في الملابس التقليدية الرسمية لمسؤولي المراسم الملكية، البيان الرئيسي للعامة، فيما علا صوت الأبواق.
وسيتلى بيان التنصيب علنا اليوم في العواصم الأخرى بالمملكة المتحدة وهي: إدنبرة في اسكتلندا، وبلفاست في أيرلندا الشمالية، وكارديف في ويلز وفي مواقع أخرى أيضا، وفق التقاليد الملكية، حيث كانت تلك طريقة اعلان تنصيب الملك الجديد في العصور السابقة حين لم تكن وسائل الاعلام متوافرة.
وقد عاد الملك إلى قصر باكنغهام عقب انتهاء اجتماع مجلس الانضمام للعرش. وسمعت هتافات صاخبة من الحشود المتجمعة عند القصر تحية للملك الجديد عبر البوابات.
وصادق الملك على اعتبار يوم جنازة الملكة، عطلة رسمية.
هذا، بخصوص مراسم اعلانه ملكا رسميا، أما مراسم «تتويج» تشالز الثالث رسميا على عرش المملكة المتحدة لن تجرى إلا بعد مرور عدة أشهر على الأرجح، فقد امتدت الفترة الزمنية الفاصلة بين وفاة والد الملكة إليزابيث الثانية وبين يوم تتويجها في يونيو 1953 إلى حوالي 16 شهرا.
وتشالز هو ملك ورئيس المملكة المتحدة و14 دولة أخرى منها أستراليا وكندا وجاميكا ونيوزيلندا وبابوا غينيا الجديدة.
كندا تقيم مراسم تنصيب الملك الجديد
أعلنت كندا تشالز ملكا لها في احتفالية رسمية في أوتاوا في مقر الإقامة الرسمي للحاكم العام، وهو ممثل الملك في كندا ويؤدي مهام رئيس الدولة نيابة عنه.
وكانت كندا أعلنت فترة حداد على الملكة تمتد عشرة أيام. وعلى الرغم من أنها لم تعد مستعمرة بريطانية منذ عام 1867، الا انها ظلت ضمن الإمبراطورية البريطانية حتى عام 1982، ولاتزال عضوا في الكومنولث الذي يضم دول الإمبراطورية السابقة التي يترأسها الملك البريطاني.
ووقع جاستن ترودو رئيس الوزراء الكندي وماري سايمون التي تشغل منصب الحاكم العام على إعلان تنصيب الملك الجديد عقب اجتماع لمجلس الوزراء، وتم إطلاق الأبواق إيذانا بتلاوة المسؤول المعني بيان المجلس بتنصيب الملك الجديد للجمهور باللغتين الإنجليزية والفرنسية، منتهيا بعبارة «عاش الملك!». واختتم الحفل بتحية بإطلاق 21 طلقة وبعزف لفرقة القوات المسلحة.