قال الملك تشالز الثالث في اول خطاب له أمام البرلمان البريطاني امس إنه «عازم بإخلاص على السير على خطى والدته الملكة إليزابيث الثانية»، مخاطبا المشرعين واصفا المؤسسة التشريعية بأنها «وسيلة الحياة والتنفس لديموقراطيتنا».
وفي مراسم أقيمت في قاعة وستمنستر، أقدم مبنى في مقر المجلس التشريعي، نعى الملك تشالز والدته الراحلة في خطابه أمام البرلمان وتعهد بالتمسك بمبدأ الحكومة الدستورية، وأضاف «بينما كانت في ريعان شبابها، كرست جلالتها الراحلة نفسها لخدمة بلدها وشعبها والحفاظ على مبادئ الحكومة الدستورية الثمينة التي تكمن في قلب أمتنا.
وقد أوفت بهذا العهد بإخلاص غير مسبوق، لقد أعطت مثالا على الإيثار في تأدية الواجب الذي، بعون الله ومشورتكم، أعتزم اتباعه بإخلاص».
وتقام هذه المراسم، حيث يخاطب رئيسا مجلسي اللوردات والعموم الملك إما عند توليه العرش أو في ذكرى توليه، في قصر وستمنستر منذ الاحتفال باليوبيل الماسي للملكة فيكتوريا في عام 1897.
وتابع الملك تشالز خطابه بالقول «كانت (الملكة الراحلة) نمط حياة لكل الأمراء» مستشهدا بهذه العبارة التي وصف بها الاديب البريطاني وليام شكسبير الملكة إليزابيث الأولى.
واستطرد «وأنا أقف أمامكم اليوم، لا يسعني إلا أن أشعر بثقل التاريخ الذي يحيط بنا، الذي يذكرنا بالتقاليد البرلمانية الراسخة إذ يكرس أعضاء كلا المجلسين أنفسهم لمثل هذا الالتزام الشخصي من أجل مصلحتنا جميعا».
من جهته، قال جون ماكفول، رئيس مجلس اللوردات، لتشالز إن الملكة اليزابيث كانت «زعيمة وخادمة لشعبها».
وقبل انتقاله إلى العاصمة الاسكتلندية، تقبل الملك الجديد في لندن التعازي من رئيسي مجلسي اللوردات والعموم.
وبدأ ملك بريطانيا الجديد يتولى مهامه تدريجيا، مع مهمة صعبة هي خلافة والدته التي كانت تحظى بشعبية كبيرة.
وبعد أربعة أيام من وفاة إليزابيث الثانية في قصر بالمورال، مقرها الصيفي في اسكتلندا، سجي جثمانها في إدنبره امس في محطة جديدة من الرحلة الأخيرة للملكة وصولا إلى الجنازة الوطنية في 19 الجاري.
واعتبارا من امس، بدأ البريطانيون في إدنبره رؤية ملكتهم الراحلة عن قرب، حيث تقاطر الكثير من الأشخاص إلى كاتدرائية «سانت جايلز» لإلقاء النظرة الأخيرة عليها.
وقالت وزارة الثقافة البريطانية إن أفراد الشعب سيتمكنون من إلقاء نظرة على النعش في قاعة وستمنستر في البرلمان على مدار 24 ساعة يوميا من الخامسة مساء 14 سبتمبر الجاري وحتى السادسة والنصف صباح يوم التاسع عشر من الشهر ذاته.
وأوضحت الوزارة «سيتطلب الأمر من الراغبين في الحضور الانتظار في طوابير لساعات كثيرة، ربما طوال الليل... ومن المتوقع توافد أعداد كبيرة، ويستحسن التحقق مسبقا والتخطيط وفقا لذلك والاستعداد لفترات الانتظار الطويلة».
وغادر نعش الملكة قصر «هوليرود هاوس» المقر الملكي الرسمي في اسكتلندا حيث أبقي نعش الملكة ليلة امس الاول، بعدما نقل من بالمورال الأحد، ثم توجه إلى كاتدرائية «سان جايلز» التي تبعد أكثر من كيلومتر عن القصر، واعقب ذلك مراسم جنائزية ليلية خاصة بالعائلة الملكية.
وخلال المراسم الدينية يوضع التاج الاسكتلندي المصنوع من الذهب الخالص على النعش.
وينقل جثمان الملكة الراحلة مساء اليوم جوا من مطار إدنبره على متن طائرة ملكية إلى لندن.
وسيسجى مجددا في النعش الملفوف بالعلم الملكي على مدار الساعة على منصة في قصر «ويستمنستر» اعتبارا من مساء الغد ولمدة خمسة ايام حتى موعد الجنازة الوطنية التي ينتظر أن يشارك فيها كبار شخصيات العالم ومن بينهم: الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الأسترالي انتوني ألبانيزي فضلا عن الكثير من أفراد العائلات الملكية.
وتعد تسجية الجثمان تكريما نادرا في بريطانيا، وتم منحه سابقا في تسع مناسبات أخرى فقط معظمها لأفراد من العائلة المالكة، من بينهم والدة الملكة إليزابيث في عام 2002 عندما توافد ما يقدر بنحو 200 ألف شخص لإلقاء نظرة الوداع.
ويتم فرض إجراءات تفتيش أمنية على غرار إجراءات المطار في قاعة وستمنستر، أقدم مباني الـبـرلـمان الـبريطاني، بالإضافة إلى قيود مشددة تسمح فقط بحمل الحقائب الصغيرة.
وتشكل هذه المراسم تحديا أمنيا ولوجستيا هائلا بالنسبة للسلطات البريطانية، حيث أفاد موقع «بوليتيكو» امس أنه طلب من القادة الأجانب تجنب السفر إلى المملكة المتحدة على متن طائرات خاصة إنما استخدام طائرات تجارية «عندما يكون ذلك ممكنا». وبحسب مستندات أصدرتها وزارة الخارجية البريطانية وحصل عليها الموقع، فقد طلب أيضا من الزعماء التخلي عن المروحيات والسيارات الخاصة للتنقل في العاصمة البريطانية على أن يتوجهوا على متن حافلات إلى كنيسة ويستمنستر.