رحم الله الشاعر الكبير أحمد شوقي لما كان له من حكم جليلة وعظيمة في قصائده التي خلدها التاريخ، وقد يكون من أجمل ما قاله أحمد شوقي هو بيته الشهير:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وفعلا الأخلاق هي تاج الإنسان ورصيده في هذه الحياة، فمن السهل جدا أن تكون بلا تهذيب، ولكن من الصعب جدا أن يكون لديك خلق عظيم.
وها نحن نناقش كل يوم قضية باتت تؤرق كثيرا مجتمعاتنا العربية مجتمعة وهي التي من المفترض ألا تكون في بلاد المسلمين الذين عرف عن نبيهم مكارم الأخلاق، ولنا على سبيل المثال ظاهرة دخيلة على المجتمعات مجتمعة، وهي التنمر على الآخرين وما يحدثه هذا التنمر من آلام وعقد نفسية وآثار جانبية سلبية وبالأخص لدى الأشخاص الذين يعانون من فرط الحساسية.
فليس من الأخلاق ما نشهده من سخرية البعض من الآخرين، فالبعض يسخر من خلقة الله سبحانه وتعالى، والآخر يسخر من أمراض الآخرين، والبعض من مصائب الآخرين، وهذا إن دل على شيء دل أننا بحاجة ماسة لأن تكثف وزارات التربية في الدول العربية جهودها لصياغة مناهج عن الأخلاق لمحاربة هذه الظاهرة الدخيلة.
فحتى الأطفال اكتسبوا هذه العادة السيئة ممن يكبرونهم سنا ويبدأون في التنمر على بعضهم البعض في المدارس، مما أدى إلى عزوف بعض الأطفال عن الذهاب للمدرسة بسبب ما يعانونه من تنمر بعض الأطفال عليهم، وكثير من الآباء والأمهات يواجهون بصورة شبه يومية مشكلة في إقناع أبنائهم للذهاب إلى المدرسة بسبب الخوف من التنمر.
هذا فضلا عن أن الطفل الحليم هو الذي يكون ردة فعله في العزوف عن المدرسة، ولكن هناك أطفالا آخرون يتحولون لعدائيين ويبدأون باستخدام العنف تجاه من يتنمر عليهم والنتائج السلبية والمتفاقمة من مثل هذا الأمر لابد من إيجاد حلول سريعة لها.
بيد أن الأطفال من الممكن معالجة التنمر لديهم عن طريق التربية والمناهج، ولكن ماذا عسانا أن نقول عن البالغين فأي منهج سنستخدمه مع مثل هؤلاء؟ بالتأكيد لا منهج ينفع معهم والنتيجة تقطع العلاقات وفرقة المجتمعات وتشتت الأسر.
فليس من الأخلاق ما نسمع به بين الفينة والأخرى من قصص، فلا أحد يضحك على جراح الآخرين إلا من ليس لديه أخلاق على الإطلاق، وهذا سلوك محرم حتى أن البعض والعياذ بالله يسخر من المرضى فيعايرهم بما ابتلوا به من أمراض.
وأحيانا كثيرة كنا نسمع بمثل شهير يقول إن «مقتل الفرد بين فكيه»، وهذه حقيقة لأنك من سخرت منه يوما أو تنمرت عليه لعل الدنيا تدور ويجعل الله الدائرة عليك أو على أحد أبنائك، أو قد يجعل الله سبحانه حاجتك عند من تنمرت عليه، فكيف لك أن تواجهه.
لذلك الكلمة الطيبة والخلق الحسن كالغرس الطيب ينمو ويثمر مع الأيام ويكسبك محبة الآخرين حين تكون محترما ولسانك لا ينطق إلا بالكلام الطيب ومراعاة شعور الآخرين، فقد جعل الله سبحانه وتعالى تبسمك خيرا لك، فالبسمة وحدها صدقة تطفئ غضب الله عز وجل، فما بال الكلام الطيب، فالكلمة متى ما خرجت لا تعود وهي كالسهام الدامية متى ما كانت جارحة.
وكما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة الحجرات (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن).