من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية.
ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر أغسطس 2022 بالتعاون مع «الأنباء» ورعاية «لكزس»، حيث سجل المؤشر العام معدلا بلغ 115 نقطة متراجعا 3 نقاط خلال شهر، متقدما 12 نقطة على أساس سنوي.
يعتبر هذا التراجع الطفيف تصحيحا نسبيا مقارنة بمعدل شهر يوليو الذي سجل رقما غير مسبوق بلغ 118 نقطة، مواجها بذلك التحديات الدولية المنتشرة.
وبالرغم من خسارة المعدل الحالي ثلاث نقاط فإنه لم يزل يحتل مركزا متقدما مقارنة بمعظم النتائج السابقة، ومنح المواطنون المؤشر العام معدل بلغ 113 نقطة، بإضافة نقطتين، بينما اكتفى الوافدون العرب بتسجيل 115 نقطة بخسارة 8 نقاط من رصيدهم السابق.
أما على صعيد المناطق، فتدنت معدلات أربع محافظات، الأحمدي 12 نقطة، والعاصمة 8 نقاط، والجهراء 7 نقاط، وحولي 5 نقاط، من جهة مقابلة عززت محافظة مبارك الكبير معدلها السابق 4 نقاط والفروانية نقطتين، كما أن التقييم الموضوعي لمعطيات البحث يتطلب إلقاء الضوء على عناوين العديد من الوقائع:
1 ـ السمة الأساسية للفترة الزمنية الحالية مليئة بعوامل سلبية ضاغطة أبرزها تداعيات الوباء الذي شمل العالم ولا يزال.
2 ـ الصدام العسكري بين أوكرانيا وروسيا الذي انجرت اليه بشكل أو بآخر تكتلات دولية وازنة، وما يحمله من مخاطر وما ينتج عنه من تفتت للتجارة العالمية وعرقلة الامدادات وتبادل العقوبات وارتفاع الأسعار، فضلا عن مخاطر الصدام في مناطق أخرى من العالم.
3 ـ ارتفاع الأسعار وقفز معدلات التضخم التي تضغط على ثقة المستهلكين وتوسع نسب البطالة في العديد من الدول.
هذه الوقائع وغيرها هزت نظام العولمة وأعادت بعض الدول إلى ذهنية وسياسة الانكماش وإضعاف التعاون الدول مع بعضها.
بالإضافة الى الأوضاع الإقليمية المتراوحة بين الاستقرار والتوتر.
لذا، يمكن التأكيد على أن ارتفاع ثقة المستهلكين في الكويت يعود بالدرجة الاولى الى العوامل الداخلية:
1 ـ الاستقرار الأمني.
2 ـ الملاءة المالية بالاعتماد على ارتفاع أسعار النفط وحجم الإنتاج والتصدير.
3 ـ متابعة القيادة السياسية في الكويت على ايلاء اهمية بارزة للاستثمارات الضرورية عامة وفي القطاع النفطي ومنتجات النفط والوقود بشكل محدد ومتابعة تطوير البنى التحتية.
4 ـ التقديمات المالية الحكومية الموجهة لدعم أسعار السلع الضرورية والمواد الغذائية، تلعب دورا مميزا في ضمان ثقة المستهلك واستقرارها.
سجل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا معدلا بلغ 122 نقطة رافعا رصيده الشهري نقطة واحدة، معززا رصيده السنوي 12 نقطة، ومنح المواطنون هذا المؤشر 120 نقطة بتراجع 4 نقاط خلال شهر ومضيفا إلى رصيده السنوي 10 نقاط، بينما ارتفع المؤشر بين المقيمين العرب الى 123 نقطة بإضافة 5 نقاط.
اللافت أن العمالة البسيطة كالفئة العاملة الحاملة شهادة متوسطة وما دون تراجع معدلها الاقتصادي بنسبة 20 نقطة، والفئة ذات الدراسة بمستوى الثانوي كذلك خسر معدلها الشهري لهذا المؤشر 13 نقطة، قد تكون هذه الوجهة السلبية لديهم ناتجة من تدني حاجة سوق العمل لهذه الفئات مما انعكس على مستوى رضاهم.
إن ثبات معدلا مؤشرا الاقتصاد، الحالي والمتوقع، يؤكد وجود دعائم مالية واقتصادية في الكويت حاليا، لتثبيت ثقة المستطلعين، ومن تلك الدعائم تجاوزت أرباح البنوك الكويتية في النصف الأول من السنة 46%، كما بلغت الودائع 63.6 مليار دينار، ما مكن البنوك من رفع حجم القروض إلى 62 مليار دينار مما يؤمن مقومات رفع النمو الوطني.
خسر معدل مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي في الكويت 3 نقاط على أساس شهري، في المقابل ارتفع مقارنة بشهر أغسطس 2021 بعشر نقاط مكتفيا بـ 101 نقطة، وقد تعود خسارة الثلاث نقاط بسبب تراجع أسعار النفط خلال شهر أغسطس كما تعود للنفسية القلقة التي تعرضت لها كافة المجتمعات في العالم في الظروف الراهنة.
من جهة اخرى، فإن ارتفاع مستوى التضخم النقدي في الكويت الذي قارب 4.5% متأثرا بالارتباط بالدولار، الذي قارب 10%، هذا فضلا عن تأثير ارتفاع فوائد السندات والودائع في الولايات المتحدة وأوروبا.
ضمن هذه المتغيرات غير الملائمة، تراجع معدل المواطنين نقطتين، والمقيمين العرب 4 نقاط، معربين ذلك عن بوادر سلبية حول مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي.
اما على صعيد المناطق، فقد تراجع هذا المعدل في خمس محافظات ما بين 15 نقطة ونقطة واحدة خلال شهر.
أي أن مكونات البحث في المناطق عبرت عن عدم رضاها على هذا المؤشر ولكن بنسب متفاوتة. إنما نشير الى انفراد محافظة الفروانية بتعزيز معدلها السابق بخمس نقاط.
هذا النموذج عن معطيات البحث تؤكد استمرارية ثقة المستهلكين بالوضع الاقتصادي الحالي نظرا للارتفاع في معدلات شهر يوليو التي ارتقت إلى نسب عالية.
ومع ذلك فإن وقائع الوضع الاقتصادي الحالي يحمل مدلولا ايجابيا في توجه الاقتصاد، لذا استقرت ثقة المستهلكين رغم التحديات الخارجية ومن أهم عناوين المستجدات الإيجابية، التوقعات بتسجيل فائضا في ميزانية السنة المالية الراهنة التي قد تتجاوز 4.8 مليارات دينار.