هذا مثل مشهور له قصة في تاريخ الإسلام تعود إلى سنة 55 للهجرة، والمثل كاملا: «أعذر من أنذر وأنصف من حذر»، وأول من قاله معاوية بن أبي سفيان الخليفة الأموي الأول بعد الخلافة الراشدة، وقد قال هذا المثل عندما أراد البيعة بولاية العهد لابنه يزيد وكان الأمر جديدا على المسلمين لأن الخلافة كانت بالشورى، فقبل من قبل وأبى من أبى، فقال لمن أبى هذا المثل، ثم كان لمعاوية ما أراد فبايع لابنه فعد معاوية أول ملوك الإسلام وعد ابنه يزيد أول ولي عهد، وتولى الخلافة بعد أبيه إلا أنها سنوات قليلة إذا ما قورنت بخلافة أبيه، الذي كان أميرا لعشرين سنة وخليفة مثلها.
وقد سقت لكم هذا المثل كمقدمة للموضوع الذي سأحدثكم به والشيء بالشيء يذكر، فنحن اليوم على أبواب الانتخابات المزمع إجراؤها ولا يفصلنا عنها إلا أيام قليلة تعد على الأصابع، وكأني هنا قد انتهت الانتخابات ونجح من نجح وأخفق من أخفق وأعلنت النتائج وعقد مجلس الأمة برئيسه المنتخب، وجلس أعضاء السلطة التنفيذية وأعضاء السلطة التشريعية في قبة البرلمان وجها لوجه، فالأيام يسابق بعضها بعضا تسير بنا سريعا، لا تلوي على شيء.
من هنا أقول إنه لابد أن يكون بين أعيننا خطاب سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله، وأن نسير على نهجه ونطبق على أرض الواقع ما طلبه منا، وألا نميل يمينا ويسارا عما ذكره في خطابه ومن تأمل ما بين السطور علم تمام العلم أن نجاح مجلس الأمة واستمراره مرهون بتجانسه وتعاونه مع مجلس الوزراء وإن كان الأمر عكس ذلك فستتخذ إجراءات ثقيلة واللبيب بالإشارة يفهم، فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار، فقد ولى زمن المشاحنات والتلاسن وتعطيل عمل أجهزة الدولة، مثلما ولى زمن نائب الخدمات.
ولابد أن نتعلم من أخطائنا كي لا نكررها، وحتى لا يفهم كلامي خطأ فأنا لا أخص مجلس الأمة فقط وإنما مجلس الوزراء أيضا، فكلاهما مطلوب منه العمل الدؤوب وتقديم مصلحة الكويت على كل مصلحة، والتعاون المثمر، فكلاهما في سفينة واحدة تتلاطمها الأمواج من كل ناحية ولابد من العبور بالسفينة إلى بر الأمان ولا يمكن لها العبور إلا بسواعد أبنائها المخلصين.
إن التعاون بين السلطتين هو الطريق الممهد لتحقيق آمال وطموح الشعب، وحينما يختار الشعب الكويتي نوابه إنما يعقد الأمل على الله وعليهم فقد حملهم الأمانة وينتظر منهم العمل والإنجاز، وأن يكون عند حسن ظن الشعب، لقد جربنا التشرذم والتفرق والتناحر فلم نجن منه إلا الخيبة، ونتمنى صادقين أن نرى مجلس أمة ومجلس وزراء متعاونين كما نتمنى أن نرى مجلس أمة متماسكا ومجلس وزراء متحدا ولا نريد أن نعود إلى ما كنا عليه وليس هذا الأمر بعسير إذا صدقت النوايا ومهما بذلنا فالكويت تستحق أكثر، فعلينا أن نشارك بكثافة في هذه الانتخابات المفصلية وأن نختار بعيدا عن العواطف من يستحق أن يمثلنا دون محاباة خاصة وأن لدينا الكثير من المشاكل التي نتمنى أن تحل دون تأخير.