مع وفاة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية قبل أيام ماضية، لم تفقد المملكة المتحدة ملكا دستوريا بارزا فحسب، بل فقدت أيضا أحد أعظم أصول العلامات التجارية الإنجليزية في البلاد.
إذ تمكنت الملكة إليزابيث من الحفاظ على أهميتها طوال فترة حكمها التي تجاوزت الأجيال، فهي لم تكن مجرد ملكة فحسب، بل مثلت أيضا علامة تجارية عالمية. وعلى مدى العقود السبعة الماضية، قامت هذه العلامة التجارية إلى حد ما بتعريف وتعزيز الأمة البريطانية في جميع أنحاء العالم.
العلامة التجارية بحكم التعريف، هي أحد الأصول التي يمكن أن تصقل ملف الشركة، أو في هذه الحالة صورة الأمة البريطانية وتميزها بشكل هادف عن الآخرين.
وعلى الرغم من أن المسؤولين الملكيين قد لا يصفونها على هذا النحو، فإن التدقيق في النظام الملكي البريطاني من خلال عدسة تسويقية يمكن أن يكشف عن الأسرار التي مكنت العلامة التجارية البريطانية من الصمود.
ورغم الفروع العديدة والخلافات حول العائلة المالكة، يجادل الخبراء بأن الملكة إليزابيث قد جمعت جميع الخيوط المختلفة للعلامة التجارية البريطانية في حزمة عالمية واحدة، وبطريقة مماثلة لعلامة تجارية ناجحة.
ربما تكون هذه دروسا ذات صلة حول كيفية تصرف المنظمات الناجحة وكيفية القيادة والمشاركة وأيضا كيفية التغيير.
فقد أظهرت الأبحاث التي أجرتها - مؤخرا - شركة تسويق عالمية أن العائلة المالكة تعتبر خامس أكبر «علامة تجارية للشركات» في العالم، متفوقة على «Nike» و«Coca-Cola» و«Disney» و«Microsoft» وغيرها من العلامات التجارية العالمية الكبرى.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الملكة أكثر الرموز النسائية شهرة في العالم، حيث حملت العلامة التجارية الملكية عبر الأجيال.
ومن الظهور السينمائي إلى عالم الموضة، عرفت الملكة الراحلة أيضا كل شيء عن الرمزية معلنة أنها إذا كانت ترتدي اللون البيج فلن يعرفها أحد! كانت الملكة الأيقونية ذكية للغاية عند اختيار ملابسها المنسقة جيدا أثناء الظهور العام، وهي تعلم بوضوح أنه حتى اختياراتها اللونية لها تأثير معين.
بلا شك، كانت السمات الشخصية الفريدة للملكة وخياراتها هي التي أثرت على قيمة العلامة التجارية البريطانية التي ساعدت أيضا في الحفاظ على اهتمامها الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، كانت توقعات العلامة التجارية والتي تعد جانبا آخر من جوانب المزيج التسويقي التي تشير ضمنيا إلى وعد لمجموعة من القيم، موضوعا مستمرا طوال إرثها.
إذ يتفق العديد من العلماء على أن الملكة الراحلة قد فهمت أيضا مفهوم التسويق القائل بأن «العميل هو الملك».
ومثل أي علامة تجارية ناجحة، كررت باستمرار دورها كقائدة متعاطفة مع العديد من إعلاناتها العامة التي تنتهي بـ «خادمك، إليزابيث ر.»، وإذا كان الملك المستقبلي يهدف إلى أن يكون ناجحا مثل سلفه، فعليه أن يسير على خطى والدته.
بعد كل شيء، كم عدد الشركات الحالية التي تعتقد أنها يمكن أن تنجح لمدة 60 عاما أخرى مثلما فعلت الملكة الراحلة؟.
dr_randa_db@