«صج لي قالوا.. اللي ما يعرف الصقر يشويه». هذا ما يحصل في كلية الصحة العامة، ونحن نراقب من بعيد نطمح لهذه الكلية في النمو والصعود والارتقاء واتخاذ خطوات تقدمية، لكن ما يحدث هو خطوات تراجعية!
أمر مستغرب، وعجيب وخاصة بعد خروجنا من أزمة كورونا والتي بينت الدور الفعال للعاملين في قطاع الصحة العامة، وجعلت غير الواعي بأهمية الصحة العامة يدرك دور هذا التخصص المهم، بل ورأينا البعض يتسلق على هذا التخصص رغبة في جذب الأضواء تجاههم، وبدلا من أن نرى إنشاء كليات صحة عامة وليس الاكتفاء بواحدة، أصبح طموحنا أن نحافظ على هذه الكلية المنشأة حديثا، للأسف.
صحيح أمر مستغرب، بدلا من التوسع في هذا المجال وخاصة لما يعانيه السوق المحلي من الشح للقوى العاملة من خريجي هذه الكلية والتي تحتاجها الكثير من وزارات ومؤسسات الدولة وخاصة وزارة الصحة، نرى التراجع والقرارات الغريبة!
أنا لا أعلم تفاصيل ودهاليز ما يحدث، ولكن على فرض أن الكلية غير مفعلة بشكل جيد أو هناك قصور، فليس العلاج بتدمير الكلية، ولكن حل القصور الموجود. كذلك يجب استقطاب الكوادر المحلية، وتسهيل الأمور أمامهم وعدم وضع العراقيل، فبالنهاية هذه كلية الصحة العامة التي تتبع جامعة الكويت الحكومية وليست ملكية خاصة.
نعم من واقع عملي في وزارة الصحة الكويتية أطمح بالتعاون مع هذه الكلية لما فيه صالح الوطن والمواطنين لتطوير الخدمات الصحية، فيحزنني أن أرى ما تعانيه هذه الكلية. أنا لا ألقي التهم على أحد، ولكن بلا شك ما يحدث ليس من مصلحة القطاع الصحي في الكويت.
أنا هنا لا أتكلم فقط ككاتب، ولكن كمتخصص في هذا المجال، أعي ما أقول وقد تبحرت في كثير من علوم هذا المجال، فقد درست خمسة برامج في أكثر من ثلاث جامعات في المملكة المتحدة خلال ثماني سنوات من عمري. ودرست مواد في أغلب مجالات أقسام الصحة العامة من علم الاجتماع، فهم سلامة المرضى، تحسين سلامة المرضى، الإدارة والسلوك التنظيمي، المقارنة بين المنظومات الصحية، إدارة التغيير، الموارد البشرية، مقدمة في اقتصاديات الصحة، التقييم الاقتصادي في الرعاية الصحية، السياسات والاقتصاديات في برامج تقديم الرعاية الصحية، مقدمة في الصحة العامة، علم الأوبئة، وغيرها.
لمن كان عنده تدبر وتأمل يعي أن كلية الصحة العامة هي رافد لوزارة الصحة. نعم وزارة الصحة وليست وزارة التطبيب فالصحة أهم وأعم وأشمل، فيجب الاهتمام بكلية الصحة العامة كما نهتم بكلية الطب.
أتأمل في قادم الأيام أن نسمع أخبارا طيبة ومشجعة بخصوص كلية الصحة العامة، وخاصة أننا نطمح للمزيد. ومن يريد الاستزادة لمعرفة أهمية مجال الصحة العامة يستطيع أن يرجع ويقرأ مقالة قد نشرتها سابقا بعنوان دينار وقاية خير من ألف دينار علاج.