- محمد العثمان:معظم الفرص المتاحة في بريطانيا بقطاعي الخدمات والعقار
- مشعل الملحم: الكويتيون في بريطانيا «مستثمرون طويلو الأمد».. لن يتأثروا بالعثرات الصغيرة
- محمد رمضان: سعر «الإسترليني» انعكاس لرفع «الفائدة» لترويض معدلات التضخم
- أيوب الصفار: انخفاض الجنيه لا يعكس قوة العقار البريطاني.. يشهد طلباً ونمواً ملحوظاً
تعتبر بريطانيا الوجهة الاستثمارية الأولى في قطاع العقارات التجارية والسكنية، والملاذ الآمن للاستثمار العقاري نظرا لمقوماتها الاقتصادية ومكانتها السياسية ومناخها التشريعي، لذلك تظل ثابتة على الرغم مما تمر به من عثرات متتالية، التي لو مر بها بلد آخر لشهد تعثرا واضحا، وتدهورا حقيقيا. ورغم اقتراب بريطانيا من «هاوية الكساد الاقتصادي» نتيجة انخفاض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى تاريخي مقابل الدولار الأميركي (خسر حوالي 16%) وارتفاع معدلات التضخم، إلا ان لندن تأتي على رأس قائمة تفضيلات المواطنين الكويتيين على المستوى الاستثماري والسياحي، وهو الأمر الذي جعل الانخفاض في سعر صرف الجنيه الاسترليني محور حديث لا ينقطع بين المواطنين، بعضهم يبحث عن فرصة ليكون له موطئ قدم دائم في لندن عبر الدخول في استثمار بصورة مباشرة ولكن ينتظر التوقيت المناسب لاتخاذ القرار،
خصوصا أن مجرد انخفاض سعر العملة ليس العامل الوحيد المحفز.
«الأنباء» حاورت عددا من المختصين في الاستثمار والعقار، لتأتي نصائحهم بـ «التروي» في اتخاذ القرار الاستثماري، خصوصا أنه «ليس كل ما يلمع ذهبا» فانخفاض سعر صرف «الاسترليني» ليس المحفز الوحيد إذ يرتبط القرار الاستثماري بعوامل أخرى مثل الأوضاع الجيوسياسية، والمحفزات الاقتصادية ومعدلات النمو الاقتصادي المستهدفة في بريطانيا وصولا إلى التيقن من إجابة سؤال جوهري هل انخفاض سعر الصرف سينتهي عند الحدود الحالية أم سيشهد معدلات انخفاض أخرى؟
ويرى المختصون أن المستثمر الدولي، يعلم يقينا بأنه معرض لمخاطر تقلبات أسعار صرف العملة، التي تعد من أبجديات الاستثمار خارج حدود الدولة سواء كان ذلك في العقار أو في الأسهم المتداولة أو أيا من الاستثمارات الأخرى المتعارف عليها، وجاء حديث المختصين كالتالي:
بداية، قال الرئيس التنفيذي لإدارة الاستثمارات العقارية في «كامكو إنفست»، محمد فهد العثمان، إن تراجع الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي من شأنه أن يخلق فرص عديدة في عدد من القطاعات على أن تكون الاستفادة على المديين المتوسط والطويل.
وأضاف «إذا نظرنا إلى اقتصاد المملكة المتحدة، فإن القطاعات الأبرز تتمحور حول قطاعي الخدمات والعقار، وبالتالي نرى أن معظم الفرص التي ستنتج عن هذا التراجع في هذين القطاعين».
وزاد: «قطاع العقار بمختلف فئاته، سواء التجاري أو الاستثماري أو السكني، حافظ على مكانته خلال التحديات التي مرت بها الأسواق وخاصة خلال السنوات الماضية مما ينبئ بأنه سيصبح أكثر جاذبية خاصة للمستثمر الأجنبي».
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي محمد رمضان أن ما يشهده سعر صرف الجنيه الاسترليني من انخفاضات منذ بداية العام، قد لا يشكل تهديدا حاليا بل ربما يكون فرصة خصوصا أن الانخفاض يأتي في سياق تصحيحي لأسعار العملة قياسا لمعدلات التضخم من دون انهيار في أسعار الجنيه الاسترليني، ويعد انعكاسا حقيقيا لرفع أسعار الفائدة بهدف ترويض التضخم.
وقال رمضان ان الوضع في المدن المهمة ببريطانيا أكثر استقرارا، وعادة ما تتجاوز المشاكل الاقتصادية نظرا لكونها ذات أهمية اقتصادية ومالية عالميا، لافتا إلى أنه لم نشهد انخفاضا محسوسا في أسعار الأصول الدفاعية مثل العقارات بأنواعها وغيرها من الأصول التي تستجيب بمرونة لتغيرات الأوضاع سواء التغيير في معدلات التضخم أو أسعار الصرف لتحافظ على استقرارها حتى الآن.
وأعلنت بريطانيا أواخر الأسبوع الماضي عن خفض ضريبي بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني (حوالي 48.4 مليار دولار) والاقتراض الجديد الضخم لتغطية ذلك، ما تسبب في حدوث صدمة في الأسواق وتسبب في أزمة ثقة بقدرة الحكومة البريطانية الجديدة على إنقاذ اقتصاد البلاد المتعثر من حافة الركود.
ويرى رمضان أن الانخفاض في سعر صرف «الاسترليني» يسير في معدلات مقبولة نسبيا، تصنع فرصا استثمارية حقيقية للكثير من الراغبين في بدء أعمالهم ببريطانيا وذلك لعدة أسباب يمكن سردها كالتالي:
1- تكلفة أقل: المستثمرون الأفراد من الكويت يمكنهم حاليا اقتناص فرص بتكلفة أقل خصوصا أن تراجع سعر صرف الجنيه الاسترليني أمام الدينار بنحو 20% منذ بداية العام قد يشكل فرصة مواتية لمن يريد الدخول في استثمار جديد، حيث ستقل عليه تكلفة الاستثمار بنسبة مقاربة لنسبة التغير في سعر الصرف إذا اختار الاستثمار في التوقيت والأصل الصحيح.
فمثلا عند سعر صرف 420 فلسا للجنيه الاسترليني الواحد، كان كل دينار يساوي 2.3 جنيه استرليني، بينما مع وصول سعر الصرف مثلا لمستوى 320 فلسا لكل جنيه استرليني فإن كل دينار يساوي 3.12 جنيهات، وهو ما يعني أن المستثمر الكويتي الذي سيدخل في استثمار جديد سترتفع قيمة سيولته المتوافرة بالجنيه الاسترليني ما يمكنه من الاستحواذ بصورة أكثر أريحية.
2- خطط التحفيز: إذ إن إعلان الحكومة البريطانية تخفيضات ضريبية وحوافز استثمارية بهدف تعزيز معدلات النمو الاقتصادي يعد فرصة أخرى جديدة أمام الراغبين في الاستثمار بلندن، ولكن نوعية الاستثمار ستشكل فارقا للاستفادة من تلك الحوافز.
وتطرق رمضان إلى أن الاستثمار بالأوراق المالية والسندات الحكومية في لندن له حسبة مختلفة عن الأصول الدفاعية، إذ إن التغيرات في سعر الصرف والفائدة تلقي بظلالها بصورة مباشرة على هذا الجانب، ناهيك عن أن كل ورقة مالية لها معطياتها الخاصة، فلا يمكن الحكم على القطاع كاملا بل يمكن تقييم الاستثمارات في هذا الجانب نوعيا خصوصا أن هناك فرصا سانحة بتكلفة أقل فيه أيضا، ويمكن الحصول من خلفها على توزيعات وعوائد نقدية مجزية، وعلى العكس تماما من الممكن أن يحدث.
وذكر رمضان أن الاستثمارات الكويتية الحكومية يمكن تخفيض القلق تجاهها في الوضع الراهن، خصوصا أن الهيئة العامة العامة للاستثمار تعمل وفق استراتيجيات احترافية تستطيع من خلالها توزيع الاستثمارات قطاعيا وجغرافيا، ناهيك عن تحينها لفرص مثل السانحة حاليا للدخول في استثمارات جديدة، إذ إن تلك الأزمة بالتأكيد ولدت فرصا كثيرة لم تغب عن ناظر الهيئة التي تتعامل مع الأمر باحترافية.
بدوره، أكد الرئيس التنفيذي لشركة «بلوبرنت» م.مشعل الملحم أن المستثمر الدولي يعلم يقينا أنه معرض لمخاطر تقلبات أسعار العملة، وهي من أبجديات الاستثمار الدولي في كل مناحيه سواء كان ذلك في العقار أو في الأسهم المتداولة أو أي من الاستثمارات الأخرى المتعارف عليها، مضيفا أنه يجب علينا أن نميز بشكل كبير وواضح بين التدهور والانخفاض، فالجنيه الإسترليني مازال في إطار الأسعار التاريخية له ولم ينخفض عن مستوياته القياسية، لذلك يعتبر انخفاضا في إطار سعره العام، أما الانحدار فهو التدهور المستمر في العملة عبر السنوات لينقلها من قاع إلى قاع جديدة، وهنا يكمن خطر كبير على المستثمر في الدول التي تعاني من الانحدار في قيمة عملتها، لما له من أثر كبير على قيمة الاستثمار عند التخارج منه.
وحول وضع الاستثمارات الحكومية الكويتية في بريطانيا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة هناك، أشار الملحم إلى أن بريطانيا تعتبر الوجهة الاستثمارية الأولى في قطاع العقارات التجارية والسكنية، والملاذ الآمن للاستثمار العقاري نظرا لمقوماتها الاقتصادية ومكانتها السياسية ومناخها التشريعي، لذلك تظل بريطانيا ثابتة على الرغم مما تمر به من عثرات متتالية، التي لو مر بها بلد آخر لشهد تعثرا واضحا، وتدهورا حقيقيا.
وأوضح أن غالبية المستثمرين الكويتيين في بريطانيا من طراز «المستثمرين طويلي الأمد»، الذين لن يتأثروا بكل تلك العثرات الصغيرة على الطريق، فالتركيز على الوجهة أهم من التركيز على عقبات المرحلة.
وأضاف: «من المبادئ الاستثمارية أن الخسارة لا تتحقق على الأسهم والعقارات التي ينخفض سعرها إلا حين بيعها أو تسييلها، لذلك كافة الخسائر التي تكبدها المستثمرون في العقار البريطاني هي خسائر دفترية غير محققة، ولن تتحقق إلا في حالة التخارج والعودة بالأموال إلى الوطن الأم»، لذلك يجب على المستثمر أن يتمهل في قرار البيع في هذه الفترة خصوصا أن هناك توقعات بارتداد سعر الجنيه إلى الأعلى، وقد لوحظ في الأسبوع الأخير أن الجنيه قد ارتفع في أسبوع واحد فقط بنسبة 8% من أقل مستوياته بعد تصريحات ليز تراس رئيسة الوزراء البريطانية أنها ستدعم قوة الجنيه الإسترليني ومكانته. وحول رأيه في التوقيت الحالي وما إذا كان مناسبا أكثر للبيع أم للشراء، أفاد الملحم بأن موازنة الفرص المتاحة مع المخاطر المتوقعة هي عملية معقدة خاضعة لشهية المستثمر وانفتاحه على المخاطر، فهناك من يهوى الإقدام في تلك الفرص الصعبة التي يغتنم فيها الكثير من الغنائم، وهناك مثلان متعارفان في هذه الحالة يعارضان بعضهما، فالمثل الأول يقول انه حين تسيل الدماء في بلاط السوق فإنه الوقت المناسب للشراء، والمثل الآخر الذي يعارضه والذي يقول لا تمسك أبدا بسكين ساقطة، وهو يرمي إلى خطورة الانقضاض على فرص في طريقها المتهاوي.
مواجهة التقلبات
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة داون تاون العقارية م.أيوب الصفار، انه جرت العادة عند هبوط العملة في أي من الأسواق، يتملك المستثمر حالة من الترقب.
وزاد: «صحيح أن العملة تعتبر من العوامل الرئيسية التي ينظر لها المستثمر الخارجي، لكن هذا لا يعكس وضع السوق العقاري، فالعملات الخارجية يتأثر بها المستثمر الخارجي ولا يكون هناك تأثير قوي ومباشر على المطور المحلي أو المشتري المقيم في بريطانيا بسبب أن دخلهم يعتمد على الجنيه الاسترليني وبالتالي لن يفرق بالنسبة لهم فارق العملة على عكس المستثمر الخارجي».
وأشار إلى أن الصناديق السيادية الكويتية التي تدار من قبل الهيئة العامة للاستثمار، أثبتت خلال الأزمات والدراسة المستفيضة قدرتها على مواجهة التقلبات، ونحن نشعر بالفخر بالقائمين على إدارة الصناديق السيادية في الخارج، حيث يتم اختيار المواقع والاستثمارات القوية والمتينة، بدليل ما أسفرت عنها نتائج أزمة 2008 والتي كشفت أن أغلب الخيارات الاستثمارية كانت في مكانها الصحيح، وأنها كانت الأقل تضررا في كافة الأسواق العالمية، لذلك فإن استثماراتنا في المملكة المتحدة كلها تقع في أماكن استراتيجية ولا تشكل تهديدا لمخاطر تراجع العملة.
وبشأن استثمارات المواطنين الكويتيين في بريطانيا، أكد الصفار أنها ليست عرضة لأي مخاطر حتى وإن كان هناك انخفاض في سعر الأصل، بمعنى أنه لو قام المستثمر الكويتي ببيع عقاره بالجنيه الاسترليني في الوقت الحالي فإنه لن يتأثر، لكن في حال تحويل الجنيه الاسترليني إلى دينار كويتي فإن المستثمر سيتعرض لخسائر، وبشكل عام فإن انخفاض سعر الجنيه لا يعكس قوة ومتانة العقار البريطاني الذي مازال يشهد طلبا كبيرا ونموا ملحوظا.
واعتبر الصفار الفرصة الحالية بمنزلة فرصة للشراء وليست للبيع، فالتوقيت سيئ للبيع لكل من اشترى عقارا بسعر جنيه كان يتراوح بين 420 و430 فلسا، لكن التوقيت ممتاز جدا للشراء في حال ثبات العملة على سعرها الحالي، بمعنى ان الدخول في هذا الوقت ممتاز والخروج منه سيئ، لذلك يقال دائما ان «الأزمات تولد الثروات»، وهناك مبادرون اقتنصوا عقارات أثناء أزمة كورونا بأسعار متدنية للغاية، والآن وبعد مرور 3 سنوات على الجائحة باعوها بأرباح عالية جدا، وذلك نتيجة لروح المبادرة والمجازفة العالية في ذلك الوقت.
واختتم الصفار يقول ان الوضع العقاري بشكل عام يشير إلى أننا مقبلون على توترات إضافية بين روسيا والاتحاد الأوروبي من شأنها أن تعكس واقعا سيئا على الأسواق العالمية ككل، فعندما تقرع طبول الحرب يكون هناك حالة هلع، وفي هذا الوقت تنخفض عمليات البيع والشراء، الأمر الذي سيجعلنا نشهد حالة هبوط في أسعار العقارات في معظم دول العالم في حال استمرت الأوضاع السياسية الساخنة على الساحة، فالمستثمر قد يفضل الاحتفاظ بالكاش وإيقاف عمليات البيع والشراء ما قد يدفع أسعار العقارات للهبوط.
فرص استثمارية
من جانبه، يرى مصدر رفيع المستوى بقطاع الاستثمار في حديثه لـ «الأنباء» أن أي قرار استثماري حاليا يجب ان يتخذ بترو شديد، مبينا أن تأثير تراجع الجنيه الاسترليني قد يولد فرصا استثمارية حاليا متاح اقتناصها، ولكن الأمر يجب أن يدرس من ناحية أخرى فليس كل ما يلمع ذهبا، ما يستوجب الإجابة عن تساؤلات مهمة قبل الشروع في الاستثمار يأتي على رأسها هل سيستمر معدل الانخفاض الحالي في قيمة العملة وإلى أي مدى سيصل؟، إذ إن توقيت الدخول في الاستثمار يشكل جزءا مهما ورئيسيا من معادلة نجاح الاستثمار، خصوصا أن الدخول في توقيت بعينه واستمرار انخفاض سعر الصرف بعدها مع متغيرات اقتصادية أخرى قد يشكل عبئا على الخطة الاستثمارية.
وأكد المصدر أن الاستثمار في بريطانيا لا يمكن اختصاره في تغيرات أسعار صرف العملة فقط بالوقت الراهن، إذ إن هناك محددات أخرى جيوسياسية تلقي بظلالها على الأوضاع مثل الحرب في أوكرانيا وتأثيرها على أوروبا ككل وإمكانية حدوث تطورات في أي وقت تشكل تحديا جديدا أمام متخذ القرار الاستثماري.
يأتي ذلك إلى جانب العوامل الأخرى التي تتمثل في ارتفاع معدلات التضخم عالميا وفي بريطانيا أيضا وما يواكبها من رفع معدلات الفائدة بصورة مستمرة منذ بداية العام، وهو ما يوحي بإمكانية حدوث ركود تضخمي عالميا، الأمر الذي يستوجب معه التروي مجددا في اتخاذ القرار فالفرصة السانحة حاليا للاستثمار قد تصبح في وضع أفضل للاستحواذات خلال وقت قريب.