عن أنس رضي الله عنه أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة فقال: يا أم فلان! انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها وهذا من حلمه وتواضعه وصبره على قضاء حوائج ذوي الاحتياجات الخاصة. وهذا دلالة شرعية على وجوب تكفل الحاكم برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة صحيا واجتماعيا واقتصاديا والعمل على قضاء حوائجهم وسد احتياجاتهم.
ولقد استجاب الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز لهذا المنهج النبوي السمح فأصدر قرارا إلى الولايات: أن ارفعوا إلى كل أعمى في الديوان أو مقعد أو من به فالج أو من به شيء يحول بينه وبين القيام إلى الصلاة، فرفعوا إليه، وأمر لكل كفيف بموظف يقوده ويرعاه، وأمر لكل اثنين من ذوي الاحتياجات الخاصة بخادم يخدمهما ويرعاهما. وعلى الدرب نفسه سار الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك، فهو صاحب فكرة إنشاء معاهد أو مراكز رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة فأنشأ مؤسسة متخصصة في رعايتهم، وظف فيها الأطباء والخدام وأجرى لهم الرواتب، ومنح راتبا دوريا لذوي الاحتياجات الخاصة، وقال لهم: «لا تسألوا الناس» وبذلك أغناهم عن سؤال الناس، وعيّن موظفا لخدمة كل مقعد أو كسيح أو ضرير. وقد تجلت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بذوي الاحتياجات الخاصة في عفوه عن جاهلهم وحلمه عن سفيههم، ففي معركة أحد لما توجه الرسول صلى الله عليه وسلم بجيشه صوب أحد وعزم على المرور بمزرعة لرجل منافق ضرير كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم وينال منه وأخذ في يده حفنة من تراب وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك لرميتك بها حتى همّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بقتل هذا الأعمى فأبى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: دعوه.
فكان المجتمع النبوي يتضافر في مواساة ذوي الاحتياجات الخاصة اقتداء بمنهج نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم مع ذوي الاحتياجات الخاصة.