دخلت الصين حقبة جديدة منذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012، فقد حققت خلال السنوات العشر الماضية إنجازات تاريخية في الإصلاح والانفتاح والتحديث، وقامت بالتبادلات الودية والتعاون الصادق مع دول العالم، بما في ذلك الكويت، وتعمل بنشاط على تعزيز بناء مجتمع لمستقبل مشترك للبشرية، وتقديم مساهمات مهمة للسلام والتنمية في العالم.
وفي هذا السياق، سينشر سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الكويت تشانغ جيانوي سلسلة من المقالات تحت «الصين: عقد من التطورات» ليعرف الأصدقاء الكويتيون تجارب الصين في التنمية والتبادل الخارجي والتعاون الدولي وغيرها من مختلف المجالات، وذلك من أجل تعميق فهم الجميع للصين في العصر الجديد.
على مدى السنوات الـ 10 الماضية، خطت الدبلوماسية الصينية خطوات ثابتة إلى الأمام، رافعة راية بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، ملتزمة بهدف الحفاظ على السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة، ساعية إلى العمل مع الدول الأخرى لبناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن السائد والازدهار المشترك والانفتاح والاستيعاب والنظافة والجمال.
منذ عام 2013، قد قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بـ 42 زيارة خارجية، وحضر أكثر من 100 مؤتمرا دوليا، وسافر إلى 69 دولة تغطى خمس قارات، وطرح سلسلة من المفاهيم والمقترحات والمبادرات الجديدة، والتي سجل بها الشعب الصيني وشعوب العالم صفحة عظيمة لتتشارك مستقبل مشترك وتتقدم جنبا إلى جنب.
سعي الدبلوماسية الصينية: تحقيق السلام
تم تناقل مفاهيم إيلاء أهمية كبيرة للوئام، والشراكة مع دول الجوار، و«لا تفرض على الآخرين ما لا تريده» من جيل إلى جيل في الصين، مما شكل الروح الفريدة للديبلوماسية الصينية. تتمسك الصين دائما بالسياسة الدبلوماسية المستقلة ملتزمة بطريق التنمية السلمية. لقد أعلن الرئيس شي جينبينغ رسميا لمرات أن الصين لن تسعى أبدا إلى الهيمنة أو التوسع أو بسط نفوذها. كما تهدف الصين إلى العيش في وئام مع جميع دول العالم، وتلتزم بالطريق الجديد للعلاقات بين الدول والمتمثل في «التحاور والشراكة بدلا من المجابهة والتحالف»، وتتمسك دائما بالمساواة بين دول العالم مهما كان حجمها وقوتها وثروتها، وتحترم اختيار كل دولة نظامها وطريقتها في تحقيق التنمية الخاصة بها وفقا لظروفها الوطنية. كما شدد الرئيس شي جينبينغ على أنه لا يمكن تنسيق العلاقات والمصالح بين دول العالم إلا بالقواعد والمؤسسات، ولا يجوز حصر القرار بيد صاحب القبضة الأقوى. قد قامت الصين بإقامة علاقات ديبلوماسية مع 181 دولة، وأقامت علاقات الشراكة بأشكال مختلفة مع 112 دولة ومنظمة دولية، حيث تصبح شبكة الشراكة العالمية للصين أوثق فأوثق.
هدف الدبلوماسية الصينية:بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية
إن تعزيز بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية لا يقصد استبدال نظام واحد بالآخر، أو حضارة بالأخرى، ولكن جميع البلدان ذات الأنظمة الاجتماعية والأيديولوجيات والتاريخ والثقافات ومستويات التنمية المختلفة، تتقاسم المصالح والحقوق والمسؤوليات معا لبناء عالم أفضل. ترفع ديبلوماسية الصين في العصر الجديد راية السلام والتنمية والتعاون والتصور والمنفعة المتبادلة، وتلتزم بمفهوم الحوكمة العالمية للتشاور المكثف والمساهمة والمنافع المشتركة، وتعزز القيم المشتركة للبشرية جمعاء، وتدعو إلى التعلم المتبادل بين الحضارات المختلفة، وتتمسك بتعددية الأطراف الحقيقية، وتؤيد بشدة النظام الدولي الذي تكون الأمم المتحدة جوهره والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي. وتطور الصين بثبات التعاون الودي مع الدول الأخرى على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وتعزز بناء نوع جديد من العلاقات الدولية تتسم بالاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون والمنفعة المتبادلة. تعد مبادرة الحزام والطريق منصة عملية مهمة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وأصبحت منفعة عامة دولية ومنصة التعاون الدولي في العالم اليوم. كما أكد الرئيس شي جينبينغ أنه في وجه الأمواج المتلاطمة من الأزمات العالمية، ان دول العالم لم تكن على متن أكثر من 190 قاربا صغيرا، بل تكون على متن سفينة كبيرة وتشترك في مصير واحد. القارب الصغير لا يتحمل الرياح والأمواج بينما السفينة العملاقة تستطيع الصمود أمام الأمواج الهائجة.
قيمة الدبلوماسية الصينية: المساهمة بالحكمة الصينية في تحقيق السلام والتنمية العالميتين
في الوقت الحاضر، يواجه انتعاش الاقتصاد العالمي الكثير من الصعوبات، وباتت التحديات الأمنية أكثر وضوحا، وتواجه موضوعات السلام والتنمية تحديات خطيرة. وفي هذا السياق، طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي. يمثل المفهوم الجوهري لمبادرة التنمية العالمية وضع الشعب في المقام الأول، وهدفه هو تسريع تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، والتشجيع على تحقيق تنمية عالمية أقوى وأكثر اخضرارا وصحة، والتركيز على الحد من الفقر، والأمن الغذائي، ومكافحة الجائحة، وتوفير اللقاحات، والتمويل للتنمية، وتغير المناخ، والتنمية الخضراء، والتصنيع، والاقتصاد الرقمي، والترابط والتواصل في العصر الرقمي وغيرها. وتركز مبادرة الأمن العالمي على الالتزام بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وتدعو إلى بناء إطار أمني متوازن وفعال ومستدام، من أجل تحقيق الأمن السائد والأمن المشترك.
في الوقت الراهن، تطرأ تغيرات على العالم والعصر والتاريخ بشكل غير مسبوق، الأمر الذي أتى بتحديات يتعين على البشرية التعامل معها بكل جدية. إن الجانب الصيني على استعداد دائما للعمل مع الجانب الكويتي والمجتمع الدولي لترسيخ وعي مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، والتوافق مع اتجاه العصر، واستبدال الانفصال بالوحدة، واستبدال المواجهة بالتعاون، والتمسك بالتضامن والتضافر، وذلك لمواجهة التحديات وتقديم مساهمات جديدة وأكبر في تعزيز السلام والتنمية البشرية.