وأنا على باب المدرسة أنتظر أطفالي الصغار في نهاية يوم دراسي طويل ومتعب، وبسبب انزعاجي من الزحام المروري ثقيل الدم هذا وما يصاحبه من ضوضاء وتلوث بصري، قررت أن أعد حسبة بسيطة لعدد الساعات التي قضيتها في هذا الزحام. في مشوار المدرسة الصباحي وبعد الظهر، طريق المدرسة فقط، وقد انبهرت لما عرفت أنني قضيت شهرا ونصف الشهر من السنة الماضية، من عمري أنا، في زحام مشوار المدرسة اليومي فقط، تصوروا.
كم أكره هذا الازدحام، الذي يأخذ من عمري وعمر أطفالي كل يوم، أنا وغيري من المواطنين، لأننا نتحمل هذا الجهد والمشقة كل يوم، وخطر على بالي سؤال: هل فكر أحد من المسؤولين في حلول لهذه المشكلة، أم أن تساهيل الطرق والمرور لها حسبة أخرى عندهم؟.
البصمة المرنة وتوسعة الشوارع وتغيير ساعات الدوامات حلول لا بأس بها، الشوارع التي تتوسع ستمتلئ هي الأخرى بالسيارات في النهاية، سرحت في خيالي ماذا لو كنت أنا (مسؤولا) كبيرا وبيدي سلطات نافذة، ماذا كنت فاعلا، كنت على الأقل اعتمد نظام ثلاث مناوبات عمل (شفتات) على كل هيئة أو وزارة أو مؤسسة تخدم المواطن والمقيم، إذ لا داعي للازدحام الصباحي لإنهاء المعاملات أو المراجعات.
خذ مثلا: المرور، إدارة الجوازات والجنسية، خدمات البطاقة المدنية، مكاتب خدمة المواطن، مراكز فحص العمالة الوافدة (الخدم)، إدارة تصاريح العمل للشؤون، إدارة التوثيق في الخارجية، التأمينات وإصدار الشهادات، تحصيل الكهرباء وإدخال القراءات، مبنى الحكومة مول بالكامل، خدمات وزارة العدل، الإفراج الجمركي للموانئ، خدمات البريد بأنواعها، القوى العاملة (دعم العمالة) وغيرها كثير.
كل تلك المؤسسات بالإمكان أن تعمل إلى الساعة العاشرة ليلا على سبيل المثال وتخفض الضغط على فترات الصباح، أعلم أن هناك بعض الأمور تحولت إلى خدمات أونلاين خصوصا الدفع، ولكن ليس كل شيء فهناك الكثير من الأمور التي لا بد لها من دورة مستندية وورق، عندكم عاطلون وعندكم ميزانية وعندكم مواطنون كثر يفضلون العمل ليلا على الاستيقاظ صباحا والمعاناة مع هذا الازدحام، المسألة تحتاج منكم إلى شجاعة القرار وتوقيع مسؤول كبير، وربي يصلح الحال من قبل ومن بعد، وفي الختام سلام.