النواب هم نتاج شعب عظيم قهر البحر والبر وعكس قوانين الطبيعة، فإذا كان موقع الماء والغذاء (مغناطيس) يجلب البشر، فالكويتيون هم من جلب الماء والغذاء لموقعهم، إذا كان حكام الشعوب يأتون للحكم بمعارك، فشعب الكويت هو من سعى لأسرة الحكم أن تحكم، لذلك سطرت 400 عام من التوافق والتراضي بين الحاكم والمحكوم، وإذا كانت الشعوب تطالب بالديموقراطية، فحاكم الكويت هو من طلب الديموقراطية لشعبه، فارفع رأسك يا كويتي، إنك من النخبة، هذه صفات أهل الكويت الأصليين، كانوا أكبر من صفة النائب ويشرفون الكرسي الأخضر، ففي أول استجواب للنائب العم محمد الرشيد، يرحمه الله، للوزير العم عبدالله الروضان، يرحمه الله، عرض الوزير على النائب زيارته بالوزارة وكلف أجهزة الوزارة بالرد بالأدلة على أي سؤال يطرحه النائب، وتم ذلك، فسحب النائب استجوابه، دون بهرجه إعلامية يتكسب منها النائب، إنهم حقا قادة.
ولا ننسى العم محمد الخرافي، يرحمه الله، عام 1967 حين ظهرت نتائج الانتخابات وشابها من تهم التزوير، وضجت البلاد بالاستنكار، فاستحضر قول النبي: «.. الزم بيتك واملك عليك لسانك...» فنهج نهجه، ولم يحضر جلسات المجلس مادام فيه شبهة، حتى حل المجلس فكان مثالا للتعقل والحكمة.
هؤلاء هم نواب ذلك الشعب، عقولهم تزن الأحداث والأفعال، حاملين اسم الكويت أمانة في كل تصرفاتهم، أسسوا للديموقراطية قواعد متينة راسخة، فأين مثل هذه التصرفات المسؤولة حاليا؟
لذلك أناشد مجلس الأمة بصفتي أحد الناخبين، إنشاء «لجنة القيم» وهي ليست بدعة جديدة على الديموقراطية فهي موجودة في أغلب مجالس العالم، فالنائب وغيره يعتقد أن الحصانة النيابية مطلقة بلا حدود، وان حمية زملائه تمنعهم من رفعها عنه، لذلك لا بد أن تكون المساءلة أولا من داخل بيت الأمة، ليكون «تصحيح المسار» يبدأ بالنائب ومن إخوانه النواب ممثلي الشعب قبل أن تتدخل سلطة أخرى.
إننا نأمل من هذا المجلس أن يبدأ بالإصلاح بنفسه أولا، ويضع معايير لكل من يفوز بلقب نائب لأنه أصبح لا يمثل نفسه، فأهل الكويت لا يحبون الجهر بالسوء من القول.
رحم الله آباءنا وأجدادنا، فقد حملونا أمانة يجب أن نصونها، ونحن نحملها لنوابنا الكرام، فالكويت أمانة بكل مكوناتها المادية والمعنوية.
نسأل الله أن يكون نوابنا عند حسن الظن بهم.. يقول الشاعر:
بالله يا شيخنا ما بال أمتنا
قد ضيعت مجدنا حتى نسيناه
ما بالنا يا أبي نمشي على مهل
والغرب يا أبتِ يحدو مطاياه
صغيرنا يا أبتِ يلهو بدميته
وكبيرنا يا أبي غرته دنياه
نشكو إلى الله جهلاً من أحبتنا
نشكو إلى الله منهم ما لقيناه
[email protected]