بيروت - جويل رياشي
يقر بسام لحود بتبدل جدول أعمال يومياته بعيدا عن الجامعة اللبنانية الأمريكية بفرعيها في بيروت وجبيل، بعد تكريمه إثر إحالته إلى التقاعد مع مشارفة طيه عامه السبعين، قضى نصفها أستاذا لمادتي التصوير والهندسة المعمارية في الجامعة. هو الذي التحق بها عائدا من مونتريال في 1987، مع قيام كلية بيروت الجامعية في عمشيت.
«الجسر» لقب أطلق على ابن العائلة العمشيتية الارستوقراطية، كونه كان صلة الوصل بالتدريس بين فرعي الجامعة في قريطم (الحمرا - بيروت)، وبلاط (قضاء جبيل).
على رغم التقاعد من التعليم الجامعي، لن يهجر لحود عالم التصوير. وكيف يفعل ذلك وهو كان محور عالمه وحياته؟
تزوره في حي العائلة في عمشيت، تجده دائم الانشغال. وقد أضاف مبنى جديدا في الشارع الذي تملكه أسرته في عمشيت قرب كنيسة السيدة. بيت قديم جديد يلتحق بالمباني العمشيتية التراثية، وبينها «البيت اللبناني للصورة» قرب منزل والديه، وفوق قبو قديم أعاد لحود ترميمه بكلفة مالية باهظة، قبل الانهيار المالي الكبير الذي ضرب البلاد بعد أكتوبر 2019.
المعرض التكريمي الوداعي تركت الجامعة إعداده للحود. وقد اختار 70 صورة، 35 منها تعود لأشخاص، و35 أخرى فيها مناظر مختلفة. والرحلة لن تنتهي مع الجامعة، إذ عرض لحود نقل «البيت اللبناني للصورة» إليها، مفضلا الحفاظ على الملكية العائلية الخاصة للمنزل الأثري. وفي روزنامته مشاريع عدة، بينها العمل على أرشيفه الخاص في المبنى الجديد المرمم، والتعاقد مع دار نشر لإطلاق الأرشيف في كتب تجمع المحاكاة بين الصورة والصحافة، أو إطلاق موقع إلكتروني خاص به يجمع أعماله. كذلك سيعود «الشاب» الذي لا يعترف بثقل السنوات الـ 70، إلى العمل في الفن المعماري بترميم الأبنية القديمة.
مشاريع عدة لمهندس قدم هوايته على اختصاصه، فدرس التصوير وحاز شهادة عليا فيه من فلورنسا بإيطاليا، ودرس بعدها في 5 جامعات في لبنان، ولف العالم مصورا ومحاضرا وباحثا عن كل جديد، وترك بصمة بتدوين مشاهداته في ترحاله.
اختزل المعرض بصوره الـ 70 مسيرة انتقى منها لحود صورا تمثل اختصاصاته المتعددة. فقد برع بتصوير الشخصيات وبينها رئيس الوزراء الراحل صائب سلام والملكة نور والرئيس إلياس الهراوي والصحافي غسان تويني. إلى «تصوير السفر» مقسما الصور بين بلدان خارجية وقرى ومدن لبنانية، وصولا إلى صور خاصة بالأغلفة في مطبوعات عدة بينها مجلتا «سكوب» التي أسسها مع الراحلين ستافرو جبرا وناديا جمال في 1983، ومجلة بريستيج التي اسستها مرسال نديم وكان من اعضائها الاوائل في 1993 وتوقفت في 2019. كذلك يضم أرشيف لحود مشاهد من «فن الحياة» كتصوير أماكن وقصور وأعمال ديكور، علما انه صور القصر الجمهوري في بعبدا بعد ترميمه في 1993، الى بورتريهات خاصة بالنجوم، وريبورتاجات خاصة بأحداث كبرى، بينها العيد الخمسون للثورة الكوبية في 2009 في حضور فيديل كاسترو بهافانا.
مسيرة طويلة لا يريد لحود ان يضع خاتمة لها، وهو الذي بادر بالنفي ردا على سؤال حول تقاعد المصور قائلا: «لا لا لا». في المقابل، يعتبر ان وضع المهنة تبدل من دون ان يجزم إذا كان ذلك إلى الأحسن او العكس، مشيرا «إلى اعتبار البعض ان التصوير بات أكثر سهولة، خصوصا ان كل شخص بات يحمل كاميرا في جهازه الخليوي. كلامي لا يعني ان صور التلفون سيئة (...)». ويسهب في الحديث «عن الصورة الناجحة التي تشترط معايير فنية وتقنية».
قد تكون تجربة بسام لحود فريدة، ذلك انه حقق ما يصبو إليه من أهداف انطلاقا من كونه ميسور الحال، وهو الذي اشتهر بأنه لا يعرض صورا للبيع في معارضه الدولية، وإذا حدث ذلك، فهو يبادر إلى جعل العائدات المادية منحا لطلاب، كما الحال مع منحتين قدمهما للجامعة اللبنانية الأمريكية من عائدات خاصة بصورتين له بيعتا في معرض بنيويورك أخيرا.
نسج لحود علاقات واسعة مع المجتمعات التي صورها على مدى 35 عاما من العمل الفني وبقيت صوره الشاهد الصامت على أزمنة وأمكنة وشخصيات مضت في الزمن.