بقلم: د.محمد السماك
أسدل الستار على مسيرة أحد أعظم الرياضيين في عالم الرياضة على الإطلاق ورياضة التنس بشكل خاص، رياضي أثبت أن العظمة الرياضية هي أكثر من مجرد الفوز.. إنه الاستثنائي «روجر فيدرر».. لكن ما السبب الذي يجعل روجر رياضيا استثنائيا، فهو بالنسبة للكثير يقف في قمة هذا الجيل وكل جيل آخر؟
ورغم العديد من الإنجازات والأرقام والألقاب الكبيرة التي حققها في مسيرته إلا انه رغم هذا كله فاز بعدد أقل من نادال وديوكوفيتش بالبطولات الكبرى، ومع ذلك فإن الأرقام مقياس غير كاف للنجاح الرياضي لسبب واحد وهو أنها تحجب تأثير الأحداث التي تعطل تكافؤ الفرص عبر الأجيال.
فمثلا لا تعكس الأرقام الإيقاف الذي حصل جراء جائحة كورونا لهذا الجيل، أو الإقصاء الذي تعرض له الصربي نوفاك ديوكوفيتش من المشاركة ببطولات أخرى نتيجة التطعيم، كما انها لا تحسب الفترة الانتقالية من الهواة إلى تنس المحترفين، أو الإنجاز الذي حققه «رود لافر» (حيث فاز بجميع بطولات الغراند سلام في نفس العام) مرتين وهو ما لم يستطع فيدرر وندال ديوكوفيتش تحقيقه ولو لمرة.
العظمة الرياضية لا يمكن أن نختزلها في الألقاب، فالفوز هي احدى القيم الرياضية بين العديد من القيم، فمن يعمل مع وجهة نظر مقيده فقط للفوز ويتجاهل القيم الرياضية صعب أن يصل للعظمة.. ومن هنا أتى فيدرر، حيث اهتم بمختلف القيم المهمة بالرياضة واللعبة (بالتميز والنزاهة والجمال والأخلاقيات)، حيث مارس التنس بشكل كلي إلى أن وصل «للتفوق».
اللاعبون العظماء لا يتقنون الرياضة كما هي فحسب، بل يغيرون فهمنا لما يمكن أن تكون عليه، فجمالية الأداء أساسية في رياضة الجمباز لكن ليس أساسية للتنس فالنقطة ستحسب سواء بشكل جميل أو قبيح.. وأخيرا تكمن عظمة فيدرر في أخلاقياته، حيث كانت نزاهته كرياضي اكثر وضوحا في كيفية تصرفه في الملعب وكيف أدار منافساته مع أعظم منافسيه، فطوال مسيرته الرياضة لأكثر من 1700 مباراة لم ينسحب أبدا من أي مباراة ولم يتظاهر أبدا أو يخضع للإصابة عندما بدأت المنافسة تفلت منه شيئا فشيئا، كما حصل على جائزة الروح الرياضية 13 مرة وهي جائزة يصوت عليها زملاؤه اللاعبون المحترفون.