لا شك أن الدولة تسعى إلى ترتيب أوراقها وتنظيم جميع أشكال الحياة فيها، ولأن السياسة هي عصب الدولة ووقودها نحو المستقبل، نالت تلك التنظيمات أهمية كبيرة في الحياة السياسية في كويتنا الغالية، وعلى الرغم من إيجابية الأمر إلا أن هناك بعض الملاحظات التي يجب على الحكومة والمشرع الكويتي الالتفات إليها والعمل بها، فمنذ أن صدرت المادة الخاصة بتعديل قانون مجلس الأمة وتجريم إقامة الفرعيات بين القبائل حدثت الكثير من الأمور المختلفة النتائج والتي تسببت في حدوث إرباك للواقع السياسي.
قانون تجريم الفرعيات كان يعد أمرا شائكا ويصعب التعامل معه في بادئ الأمر، في ظل أن نص القانون أيضا يحمل أكثر من معنى للفهم، وذلك بحسب ما أكده مستشارون قانونيون، فالفرعيات في الأساس هي شأن تنظيمي داخلي بالعائلات ونتائجها ذات نتائج لا تفرض نفسها على الواقع، بل هي بمنزلة استطلاع للرأي فقط، ويبقى للصندوق الانتخابي وتنظيمات الدولة كلمتهما الأولى بالعملية الانتخابية والحياة السياسية.
ولكن دعوني أعرض عليكم ما جاء به خبراء دستوريون والذين أكدوا أن قانون «التجريم» يحمل أكثر من تفسير، فالرأي الأول ذهب إلى أن المخالفة القانونية والتجريم يحدث في حالة إقامة الفرعيات بعد صدور مرسوم الدعوة فقط وما قبل ذلك لا يعد جريمة يحاسب عليها القانون. في حين أن الرأي الثاني ذكر أن التجريم يقع حتى قبل صدور المرسوم، وبسبب التفسيرين المتغايرين نجد أن هناك اختلافا أيضا بالأحكام القضائية التي صدرت بحق أشخاص وجهت إليهم تهمة تنظيم الفرعيات، فنسبة كبيرة من تلك القضايا انتهت بالبراءة والبعض الآخر واجه أحكاما بالسجن مثلما حدث في تشاورية «شمر»، ولمن يمعن النظر بقانون الفرعيات فسيجد أن القانون تطرق إلى انتخابات مجلس الأمة، في حين أنه لم يلتفت إلى الانتخابات الخاصة بالجمعيات وغيرها في حين أنها تعد أمرا متصلا بالشأن العام، وذات تأثير مثلها مثل انتخابات مجلس الأمة.
أرى أنه يجب على الجميع الوقوف والتأمل فيما أحدثه هذا القانون من شقاق بالحياة السياسية بكويتنا الغالية، وجعله رموزا سياسية تقبع خلف القضبان، ونعيد النظر بقانون إلغاء تجريم الفرعيات.
وقد ظهرت بارقة أمل في اللقاءات التي أجراها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح مع عدد من أعضاء مجلس الأمة الجدد، ومطالبة البعض منهم بإصدار عفو عن المتهمين بقضية تشاورية «شمر»، وننتظر جميعا منه أن يأتي لنا ببشائر الخير ويصدر العفو، ويعيد النظر في قانون تجريم الفرعيات لكون ضرره أكثر من نفعه.
[email protected]