بيروت - اتحاد درويش
بعد ستة عقود ونيف من نظام السرية المصرفية في لبنان أقر البرلمان في جلسته العامة يوم الثلاثاء الماضي 18 أكتوبر قانون رفع السرية المصرفية، مع إجراء بعض التعديلات على مواده.
ويعتبر القانون من الركائز الأساسية لانطلاق قطار محاربة الفساد، وأحد الإجراءات المطلوبة في رزمة الإصلاحات التي يصر عليها صندوق النقد الدولي، وكشرط مسبق للاتفاق النهائي معه على القرض المنتظر.
وجاء التصويت على القانون الذي سبق للرئيس ميشال عون أن أعاده الى مجلس النواب مرتين لإعادة النظر فيه، مرفقا رده بتعليل مشابه للملاحظات التي أبلغها صندوق النقد بشكل رسمي للبنان، لكن لجنة المال والموازنة تغاضت عن الملاحظات الرئاسية وتلك المتعلقة بصندوق النقد الدولي.
وأوضح الخبير المالي والضرائبي ورئيس لجنة حماية حقوق المودعين في نقابة المحامين المحامي كريم ضاهر لـ «الأنباء»، أن الصياغة الأخيرة للقانون التي خرجت بها لجنة المال والموازنة غداة مناقشة القانون في الهيئة العامة جاءت على النقيض تماما من ملاحظات الرئيس عون كما ملاحظات الصندوق، الأمر الذي رفضه الصندوق.
وبعد مداولات مطولة بين رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان ومسؤولي الصندوق جرى إقراره بضغط من الصندوق ووفق تعديلات أساسية طالت بعض بنوده ليصبح قابلا للتنفيذ وبعيدا عن أي شوائب يمكنها أن تسبب التباسا عند تطبيقه.
وأورد ضاهر بعض التعديلات الأساسية وهي توسيع الفئة التي تم رفع السرية المصرفية عنها لتشمل جميع مناصب السلطات التشريعية أو القضائية أو التنفيذية أو الإدارية أو العسكرية أو المالية أو الأمنية.
وجميع الموظفين العموميين المعينين أو المنتخبين الدائمين والمؤقتين، المدفوعي الأجر أو غير مدفوعي الأجر، ورؤساء وأعضاء الهيئات الإدارية للجمعيات التي تتعاطى نشاطا سياسيا وهيئات المجتمع المدني والجمعيات التابعة لها، ورؤساء وأعضاء مجالس إدارة المصارف والمؤسسات المالية كافة ومدرائها التنفيذيين ومدققي حساباتها، وأصحاب الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة وأعضاء مجالس إداراتها ومدرائها التنفيذيين والمناقصين والمتعهدين الذين يلتزمون من الدولة مشاريع أو تعهدات أو أعمالا أو أشغالا أو خدمات عامة.
كما يشمل رفع السرية المصرفية عن الأزواج والأولاد القاصرين والأشخاص المؤتمنين أو الأوصياء أو أصحاب الحقوق الاقتصادية. وطال التعديل شمول هؤلاء بالمفعول الرجعي الذي أعيد الى العام 1988.
وأشار ضاهر الى أن ما كان يهمنا ألا تسلك الجهات المخولة إمكانية رفع السرية المصرفية للحصول على المعلومات، طريق هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، بل أتاحت التعديلات التي أصر عليها صندوق النقد ورضخت لها لجنة المال والموازنة، المجال لكل الجهات القضائية بما فيها النيابات العامة لتتمكن من التوسع في الاستقصاء وطلب المعلومات المصرفية من المصارف في ما خص كشف السرية المصرفية.
ولفت ضاهر الى أهمية قانون رفع السرية المصرفية كنظام قانوني مصرفي بدأ العمل به في لبنان منذ العام 1956. وبانتظار النص النهائي للنسخة المعدلة.
فإن القانون يفتح الطريق أمام محاصرة الفساد والصفقات والإثراء غير المشروع وهو خطوة أساسية من خطوات طريق الإصلاح، وأهمها خطة التعافي وإعادة أموال المودعين، وهيكلة المصارف، والبدء بتحديد المسؤوليات.
أولا بالتحقيق بالأموال المشروعة وغير المشروعة، وبالتجاوزات التي حصلت، وبالأموال المهربة، على أن تبقى العبرة بالتنفيذ من خلال القضاء الذي علية القيام بدوره كما يجب.
وفي الإطار يوضح ضاهر ان المجتمع المدني (المفكرة القانونية وكلنا إرادة) ونقابة المحامين واتحاد نقابات المهن الحرة كانت لهم ملاحظات على القانون واقترحوا تعديلات تقدموا بها الى لجنة المال والموازنة وقد أزيلت مع اقرار القانون.
وأكد ضاهر أن صندوق النقد الدولي يوقع مع لبنان اتفاقية قرض، وعليه أن يكون متأكدا أن هذه المبالغ التي يقرضها سوف تعود ولن تضيع في الفساد والهدر، ولكي يضع حدا لذلك فإن بدايتها بقوانين إصلاحية تكافح التهرب الضريبي والجرائم المالية وغير المالية، وعدم التطاول على المال العام، وألا يكون هناك إفلات من العقاب ووضع الإصلاح على السكة الصحيحة.