بيروت - منصور شعبان
قال البطريرك الماروني بشارة الراعي إن «من يدقق في تحركات عدد من النواب أثناء الجلسات النيابية الأخيرة، يكتشف فورا أنهم في مسرحية لا تخلو من المزاجية عوض أن يكونوا في احتفال سعيد يقدمون من خلاله للبنان رئيسا مقبولا من اللبنانيين بعد طول أحزان وأزمات».
وأضاف في عظة الأحد أمس: «لقد كانت جلسة مجلسكم التي عقدت الخميس الماضي جلستين: جلسة انتخاب الرئيس داخل القاعة العامة، وجلسة تعطيل النصاب في الردهات المحيطة، كأن سوق التسويات والمساومات ينشط بين أعيان النواب لمعرفة ما إذا كانوا يدخلون القاعة ويصوتون أم يبقون في الردهات ويعطلون، لقد أصبحنا في ذروة الفساد السياسي الأكثر شرا من الفساد المالي. وصرنا في واحة الخيانة الوطنية، فهل من خيانة تجاه الوطن أكثر تعطيلا من تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية؟».
وتوجه الراعي إلى النواب قائلا: «أتدركون أن السير نحو الشغور الرئاسي يتم فيما تسعى بعض الدول إلى تغيير وجه لبنان ودوره، وصيغته وهويته من دون الرجوع إلى الشعب ولا إلى مرجعياته. إن المؤتمر الدولي الخاص بلبنان الذي دعونا إليه يختلف كليا عن مشاريع المؤتمرات والندوات التي تبتدعها هذه الدول لا لخدمة لبنان، بل لتجميل علاقاتها ببعض دول المنطقة. إن مصير لبنان يقرره اللبنانيون بمساعدة الأمم المتحدة. نحن دعونا إلى مؤتمر من أجل تطبيق اتفاق الطائف نصا وروحا، وسد الثغرات الناتجة في الدستور، وتصحيح اختلال النظام الديموقراطي في ممارسة الحكم، وإعلان المحافظة على حياد لبنان وتحييده، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين».
بدوره، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في كاتدرائية القديس جاورجيوس ببيروت: «يعود الحديث عن إمكانية الوصول إلى الشغور في سدة الرئاسة وكأنه أمر مقبول. هذا الوضع، إن دل على شيء فعلى تقصير المجلس النيابي، وعلى جفاف الممارسة السياسية وتراجعها، ومحو صورة لبنان الديموقراطي المشرقة التي كان عليها في غابر الأيام. ماذا يمنع انتظام الحياة الديموقراطية، وسيادة الدستور على الحياة السياسية، وتداول السلطة في الأوقات المحددة، دون خضات أو تأخير أو تعطيل؟ وكيف يوضع حد لقصر نظر الطبقة السياسية والتفاتها إلى مصالحها ومستقبلها السياسي، عوض التفكير بمستقبل البلد وأبنائه؟ هل يدركون أن الأشهر أو السنين التي ضاعت وتضيع قبل انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة هي دهور تشد هذا البلد، الذي كان ديموقراطيا وراقيا ومتطورا، إلى الوراء؟»