تقرير - هادي العنزي
انفض العرس الكبير لكرة السلة العربية، بعد كرنفال حاشد في الكويت امتد لـ 11 يوما متتالية بدءا من 5 - 15 أكتوبر، وذلك خلال منافسات بطولة الأندية العربية الـ 34 لكرة السلة، وبمشاركة استثنائية غير مسبوقة لـ 16 ناديا من 11 بلدا عربيا، وبمجموع ما لا يقل عن 360 رياضيا عربيا، شارك خلاله أبطال العرب في 40 مباراة، بدءا بالأدوار التمهيدية للمجموعات الـ4 التي توزعت عليها الأندية المشاركة، وانتهاء بالمباراة النهائية بين قطبي كرة السلة في الكويت ومصر، «الأبيض» و«الأحمر»، التي آلت نتيجتها لمصلحة الأول، وبفارق «سلة» واحدة، ليسجل نادي الكويت اسمه في قائمة الكبار، بعدما جرد كبير أفريقيا من لقبه العربي.
وقد جادت البطولة العربية الـ 34 للأندية بالأداء الفني الأرفع على مدى تاريخها العريق، ولم يأت ذلك من نسج الخيال، أو إطراء غير مستحق، فالإثارة والندية، والجودة الفنية العالية التي شهدتها أغلب المباريات، قدمت الدليل تلو الآخر على الطفرة النوعية التي تشهدها كرة السلة العربية، ولم تدخر المواجهات شيئا من الإثارة حتى في لحظاتها الأخيرة، وعلى سبيل المثال، فريق نادي بيروت اللبناني سجل رمية ثلاثية في آخر ثانيتين ونصف من مواجهته مع كاظمة، مسجلا التعادل بـ 85 نقطة، وليذهب بالمباراة إلى شوط خامس، حسمه لمصلحته 102-97، والكويت البطل الجديد للعرب، لم يكن ليتوج باللقب، بعدما تأخر في الربع الأخير للمباراة النهائية بفارق 13 نقطة (51-64)، لولا تمكنه من تقليص الفارق خلال أقل من دقيقة بـ 3 رميات «ثلاثية قاتلة» للاعبه ماركوس انتوني، لتقلب الموازين رأسا على عقب، مقلصا الفارق إلى نقطتين فقط (65-67)، وتدب الحماسة من جديد في الفريق المستضيف للبطولة، ويخرج فائزا في النهاية، وذلك من جمال وجنون كرة السلة التي لم يسبق مشاهدتها في ملاعبنا العربية.
اللاعب المحلي نجم البطولة
شهدت النسخة الـ 34 لبطولة الأندية العربية لكرة السلة مشاركة واسعة للمحترفين الأجانب، حيث سمح الاتحاد العربي لكرة السلة للأندية بالتعاقد مع 3 محترفين، على أن يكون أحدهم عربيا، ويحق لهم المشاركة باثنين في الملعب، وباستثناء التألق اللافت والمعتاد للاعب نادي الكويت السابق والأهلي المصري الحالي البورتريكي والتر هودج، لم يشكل المحترفون عنصرا فارقا لفرقهم في البطولة العربية، بل سيطر نجوم العرب على المشهد كاملا، وقدم علي حيدر، وعمر جمال الدين (بيروت اللبناني)، وأحمد البلوشي (كاظمة)، والكسندر الغيص هداف «الثلاثيات» في البطولة، والأخوان حمد ومحمد عدنان (الكويت)، وعمرو الجندي، وإيهاب أمين (الأهلي المصري) أنفسهم نجوما للبطولة دون منازع، بمستويات فنية عالية، وحضور فعال في اللحظات الحاسمة، فيما كانت أنديتهم تعبر عن الوجه الأجمل والأكثر كمالا لكرة السلة العربية.
كاظمة.. «الحصان الأسود»
تكثر الأسباب وراء فوز الكويت باللقب العربي الأول في تاريخه، ولكن تبقى عدة عناصر مهمة وراء الإنجاز العربي الكبير، لعل في مقدمتها القيادة الماهرة لرئيس الجهاز بدر العصيمي، والحنكة الفنية للألماني بيتر شومرز، وقيامه بتوظيف اللاعبين بحسب مجريات كل مباراة على حدة، واستمراره بسياسة «التدوير» بحرفة عالية، بالإضافة إلى شخصية البطل التي يمتلكها لاعبو الكويت، وروحهم العالية، والدفاع القوي الذي وقف سدا منيعا أمام «سلة العميد».
توقع الكثير أن يكون للاتحاد السكندري المصري حظ كبير في المنافسة على لقب البطولة، خاصة أنه الأكثر خبرة بالبطولات العربية، وتتويجا بلقبها بـ 7 ألقاب، كان آخرها في المغرب 2019، لكنه لم يستطع الوصول إلى المربع الذهبي، مخيبا آمال جماهيره، ولعل السبب وراء عدم تأهله يرجع الى تواجد كاظمة عقبة في طريقه، ليخرجه مبكرا نسبيا من الدور ربع النهائي بفوز مستحق (106-101)، بعد وقت إضافي حاسم، لكن تبقى مشاركته مخيبة لجماهيره في المجمل.
وفاجأ كاظمة الكثيرين بأداء متوازن دفاعا وهجوما، في جميع مبارياته، بقيادة المدير الفني خالد النجم والمدرب الصربي ايفان جيرمج، ليستحق بجدارة لقب «الحصان الأسود» للبطولة، بتألق نجومه أحمد البلوشي، وعبدالعزيز الحميدي، ويوسف بورحمة، والمحترفين كيفن مورفي، ولاتافيوس وليامز.
فيما تأثر الجهراء ثالث ممثلي كرة السلة الكويتية في البطولة بإصابة نجمه ولاعب منتخب لبنان وائل عرقجي في الأدوار التمهيدية، ليخرج على يد الأهلي وصيف البطل في الدور ربع النهائي، وفي المجمل تعد مشاركة «الجهراوية» إيجابية في عديد أوجهها.
جماهير «السلة».. شكراً
شهدت البطولة متابعة دقيقة لعشاق كرة السلة العرب، وأضفت على البطولة بهجة وحماسة زادت من نجاحها، وجعلتها محط الأنظار، وأخذت بالمنافسة إلى أعلى مراحلها بين الأبطال، لم تتخلف جماهير الأهلي المصري بقمصانها الحمراء وتشجيعها الحماسي عن مساندة بطل أفريقيا وكانت على الموعد دائما في جميع مبارياته، وكذا الحال لجماهير الرياضي ومواطنه بيروت، حضرت صالة نادي الكويت في الأدوار التمهيدية، وانتقلت مع نجومها إلى صالة الاتحاد بمجمع الشيخ سعد العبدالله في الأدوار الإقصائية، وكرة السلة في لبنان ليست كباقي الرياضات، فهي الأكثر شعبية الرقم الصعب هناك، وجماهير الكويت بطل الخليج ووصيف النسخة السابقة لم تكن تفارقه يوما، وأسعدها «رجال الأبيض» باللقب الكبير في مسك الختام.
الحكام.. الحلقة الأضعف!
لم يكن أداء حكام المباريات في البطولة العربية الـ 34 للأندية مرضيا، ولم يرتق إلى المستوى الفني الرفيع الذي قدمته الفرق المتنافسة خاصة في الأدوار النهائية، فظهر أداؤهم مرتبكا ومربكا للمتنافسين، وجاءت العديد من قراراتهم عكسية وبطريقة غير متوقعة، مما تسبب في التأثير سلبا على عديد الفرق، وعلى الاتحاد العربي الحرص على اختيار الأفضل والأكفأ من الحكام الدوليين العرب في البطولات المقبلة، إذا ما أراد نجاح بطولاته، والإسهام في تطوير كرة السلة العربية.
بالأرقام.. البلوشي الأفضل
قدم قائد منتخبنا الوطني لكرة السلة وكاظمة أحمد البلوشي أداء رفيعا وثابتا طوال مشوار فريقه في بطولة الأندية العربية، وتمكن بخبرته الطويلة ومهاراته العالية من وضع «البرتقالي» منافسا على المراكز الثلاثة الأولى، وكان صعود منصة التتويج قريبا، لولا أن «كرة السلة» تسير وفق «سيناريوهات» تريدها هي فقط، وإن كانت تخالف الواقع، قبيل ما حدث في الثواني الأخيرة في مواجهة تحديد المركز الثالث والرابع.
البلوشي، وبالأرقام يعد الأفضل على الإطلاق في البطولة العربية، فهو الأول بحسب الإحصاءات الرسمية من حيث الأداء بمعدل (85)، متفوقا على علي حيدر، وعمر جمال الدين، وإيهاب أمين، والكسندر الغيص تواليا، والأول في الرميات «الثلاثية» جنبا إلى جنب مع الكسندر الغيص بـ 12 رمية، والثاني من حيث التسجيل بـ 75 نقطة، خلف علي حيدر (79 نقطة).