مع انتشار الإنفلونزا الموسمية، وبينما أنتظر دوري لتسلّم الدواء من صيدلية الصحة العامة في مستوصف المنطقة، وإذا بإحدى المريضات تتذمر لدى الصيدلانية وتوبخها بعنف واستعلاء، مستخدمة بعض الجمل باللغة الإنجليزية متذمرة من طول الانتظار، وألقت بالملامة ووجهت غضبها والنقد لأمور ليست بيد الصيدلانية، فتزاحم الناس عند شباك الصيدلية، مما أدى لإفساد يومها ويوم الموظفة، حيث استمرت الموظفة بعملها مع التعبير عن استيائها لزميلاتها حتى بعد ذهاب السيدة.
وفي تلك الأثناء سمعنا صوتا فصيحا، يأتي من جهة شباك آخر لصيدلية الأمراض المزمنة، يتساءل أين الصيدلي الشباك فاضي؟ ثم أكمل مناديا مغنيا «صيدلي يا صيدلي يا صيدلي»، ضجت القاعة بالابتسامة وهمهمات ظريفة، وما هي إلا ثوان لنرى الصيدلي مقبلا مبتسما، فتبادلا التحية والحديث بكل ود وأخذ المريض الدواء وانصرف.
كم كان اختيار هذا الرجل لرد فعله تجاه عدم وجود الصيدلي إيجابيا، فبمجرد سماع المنتظرين لهذه الكلمات عمت الابتسامة على الوجوه، وانتشر جو من الإيجابية ونحن في انتظار الدور، أعطانا المراجع مثالا حيا إن لم أقل درسا في الامتنان وحسن الظن والتماس الأعذار، فتسلّم الأدوية بشعور الرضا بعكس كثير من المرضى الذين ينتظرون صرف الدواء بوجوه متجهمة وأفكار حزينة عن مرضهم وحظهم العاثر، لقد أطلق هذا الرجل بصوته الحي دون حتى أن نرى وجهه كمية من الحيوية والتفاعل الإيجابي في المكان.
إذن اختياراتنا لردود أفعالنا، سواء كانت إيجابية أو سلبية هي من تتحكم بسلسلة الأحداث اليومية، وما يصاحبها من مشاعر وكلمات ومواقف ومن صعوبات أو من انفراجات، هي أفكارنا وأحاديثنا مفتاح الحل لنا، بل وأحيانا كثيرة للمحيطن، إن إتقان هذا الرجل لردود أفعاله واختياره ألا يغضب وألا يلقي بملامة على أحد وألا يشكو صعوبة الحياة، فاختار التعامل مع اللحظة وليس الماضي أو المستقبل، لم يهدر وقته أو طاقته في جدال، وتجاوز المشكلة، وعبر عن حاجته لوجود الصيدلي، فحصل على كل ما أراد بثوان، علاوة على دعوات صادقة له بالسعادة والشفاء من مرضى ابتهجوا بسماع صوته وروحه الإيجابية.
imandashtti@