يتسلل الفساد إلى أي شخص ومهما كانت إجراءات مكافحته والتصدي له فهو كالسرطان، ولكن في مهن الطب والصحة والعاملين بها هناك مواثيق أخلاقية وقسم يقسم به قبل مزاولة المهنة، ولكن هذا ليس تحصينا كاملا ضد الفساد في المهنة الإنسانية والتي لا تخلو من مغريات وأبواب تشجع على الفساد.
وفي موجة كورونا تم نشر بعض الأخبار عن حالات صارخة بين مسؤولين ذوي مناصب عالية في دول مختلفة دفعوا ثمن الفساد الذي تنوعت أشكاله وترعرعت ممارساته تحت ستار الضرورات أو إنقاذ الحياة في أوقات الأوبئة، وهناك بين أصحاب الرداء الأبيض من كشفوا وتصدوا للفساد من مستويات رفيعة وكادوا يدفعون ثمن مواقفهم.
لقد وضعت جائحة كورونا تحديا كبيرا أمام أصحاب الرداء البيض بالتصدي ومحاربة وباء الفساد فهو أشد ضررا من وباء كورونا لأنه يضاعف الأضرار والتبعات على الجميع، وقد يكون الفساد السبب الرئيسي لإزهاق أرواح بسبب علاج تجريبي أو ممارسات في الشراء أو توريد الطعوم أو غيرها من ملفات شائكة لم تبحث بعد في جميع دول العالم والتي استنفرت خلال كورونا، ومازالت هناك ملفات متعددة المواقع والبلدان. ولكن هل الرداء الأبيض محصن ضد الفساد؟ هناك من حنثوا بالقسم الذي أقسموه وركضوا خلف الفائدة المادية ولم يبالوا بأرواح البشر مما جعلهم أغنياء لفترة وجيزة من الوقت قبل أن يتم اكتشاف فسادهم لأن الفساد طريقه قصير وسرعان ما يتم اكتشافه ومن ثم العقاب لكل من سعى وراء الكسب المادي وعدم الاكتراث بأرواح أو صحة البشر.
والرداء الأبيض لا يحمي صاحبه حتى لو أخذه ستارا لما يقوم به من أعمال فاسدة، ولكن التزامه بالقسم الطبي وشرف المهنة وأخلاقياتها ومبادئ التعامل مع الآخرين هي التي تحمي صاحبها وتقيه من شر الانزلاق في طريق الفساد الوعر والذي قد يكون سالكا في البداية أمام متبعيه، وبالنهاية قد يندم على ذلك.
إن الفساد هو شكل من أشكال خيانة الأمانة من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة استخدام السلطة لصالح الفرد ويشمل الفساد العديد من الأنشطة التي تتضمن الرشوة والاختلاس، ويتضمن أيضا ممارسات تعد قانونية في العديد من البلدان ويحدث الفساد السياسي عندما يتصرف صاحب المنصب أو أي موظف حكومي آخر بصفة رسمية لتحقيق مكاسب شخصية.
ويعد الفساد في الرعاية الصحية أكثر خطورة من أي قطاع آخر لأنه يؤثر على النتائج الصحية ومميت بالفعل، وهو منتشر على نطاق واسع، وفي عام 2019 وصفت منظمة الشفافية الدولية الطرق الستة الأكثر شيوعا لفساد الخدمة وهي التغيب والمدفوعات غير الرسمية من المرضى والاختلاس وتضخيم الخدمات وتكاليفها والمحسوبية والتلاعب بالبيانات.
إن مكافحة الفساد مسؤولية الجميع، ولذلك يجب تشجيع قيم النزاهة والمساءلة والشفافية وتطوير استراتيجيات للحكم الرشيد من خلال إشراك المواطنين الراغبين في مكافحة الفساد للقضاء عليه تماما.