بعد أيام قليلة وبالتحديد يوم 14 نوفمبر يحتفل العالم باليوم العالمي لمرض السكري، ومن الطبيعي أن تقوم كل دولة بانتهاز الفرصة لإلقاء الضوء على جهودها للوقاية والتصدي وعلاج مرض السكري ومضاعفاته وتحديث سياسات وبروتوكولات الرعاية لمرضى السكري بأنواعه المختلفة، وأعتقد أن البداية لأي حملة توعوية هي تحديث المعلومات الصحية وعرضها على المجتمع بما يبعث على الثقة سواء من حيث معدلات انتشار المرض ومعدلات المضاعفات على البصر أو على الكلى أو مضاعفات الحمل في وجود سكري الحمل. وهذه المعلومات يجب تحديثها من خلال المسوحات الصحية التي توصي منظمة الصحة العالمية بأن تكون كل خمس سنوات لأن استخدام معلومات غير حديثة لا يحقق الهدف المطلوب.
وتشير التقديرات إلى أنه لايزال ملايين المصابين بالسكري في جميع أنحاء العالم عاجزين عن الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها، ولذلك فإن موضوع هذا اليوم هو الوصول إلى رعاية مرضى السكري، وخاصة أن مرضى السكري يحتاجون إلى رعاية ودعم مستمرين لإدارة الحالة الصحية وتجنب المضاعفات التي قد تحدث.
ومن خلال متابعتي لمعلومات الأمراض المزمنة وعوامل الخطورة المتعلقة بها ضمن مسؤولياتي للتوعية للوقاية من أمراض القلب كعضو بجمعية القلب الكويتية فإن الاهتمام بإجراء المسوحات الصحية الحديثة ليس على المستوى المقبول إذ ان آخر تقرير عن عوامل الخطورة ومعدلات انتشار الأمراض المزمنة غير المعدية نشر عام 2015 وأجري بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
وبالرغم من المعلومات المهمة في التقرير عن التغذية والسمنة وزيادة الوزن والخمول البدني، إلا أنه أظهر أن مرض السكري يمثل تحديا كبيرا أمام النظام الصحي، ولذلك يجب إطلاق برنامج وطني متعدد التخصصات والمحاور للتصدي لمرض السكري.
وبهذه المناسبة، ندعو الله عز وجل بالرحمة والمغفرة لأمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح لمبادرته بإنشاء معهد دسمان للسكري التابع لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي والذي يعد مفخرة للكويت والنظام الصحي بها وستكون جهوده في التوعية والعلاج والأبحاث في ميزان حسنات الأمير الراحل طيب الله ثراه، فهو مثال حي للعلاقة المتميزة بين الحاكم والشعب في الكويت.
وفي هذه المناسبة يجب أن تنطلق حملات تعزيز الصحة على جميع المستويات وتشجيع الالتزام بالأنماط الصحية للحياة من حيث التغذية والنشاط البدني وهو المحور الذي لا يقل أهمية عن علاج المرض ومضاعفاته، ويجب أن تولي المزيد من الاهتمام بالتوعية المرتكزة على الحقائق العلمية والمعلومات الحديثة، وأن نتصدى لرسائل التوعية والترويج والتسويق غير المسؤول لمنتجات قد تكون ضارة لمرضى السكر بالرقابة الصارمة.
ومهما كانت معدلات انتشار مرض السكري، فإن التصدي له ليس مستحيلا لو وضعنا ذلك كأولوية تنموية وطنية نتمنى أن تتبناها الحكومة الجديدة وتبرزها ببرنامج عملها ليس كتحدّ صحي ولكنه تنموي يستحق الاهتمام والالتزام.