- الشريكة: من فتن آخر الزمان أن يبيع الإنسان دينه بعرض من الدنيا الزائلة
- الخميس: على المنتكس أن يعالج قلبه بالدعاء والثبات ويحارب الشيطان وأعوانه
- الشطي: التوسع في المبيحات وضعف الإيمان والشعور بالغربة من أسباب الانتكاسة
نعمة الهداية من أعظم النعم، وأجلّها الثبات على هذا الدين ولكن للأسف نجد البعض ينتكس في دينه بعد التزامه وطاعته لله. فما سبب الانتكاسة في الدين وما العلاج؟
يقول د.عبدالله الشريكة: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالأمور الغيبية المستقبلية والتي وقعت ومن ذلك الانتكاسة في الدين والمنهج القويم اي الرجوع عن التوحيد الى الشرك ومن الحق الى الباطل ومن الطاعة الى المعصية، ومن السنة الى البدعة وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يكونُ بينَ يدَيِ السَّاعةِ فتنٌ كقطعِ اللَّيلِ المُظلمِ يصبحُ الرَّجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا يبيعُ أقوامٌ دينَهم بعرضٍ منَ الدُّنيا» مما يدل في الحديث أن فتن آخر الزمان كثرة الانتكاسات عن الدين وأن الرجل يصبح على الإيمان ويمسي على الكفر، ويمسي على الإيمان ويصبح على الكفر ولفت د.الشريكة ان الانسان في آخر الزمان يبيع دينه بعرض من الدنيا، كما في الحديث، وأن هذا العرض الدنيوي قد يكون مالا وقد يكون سلطانا وقد يكون وجاهة وسمعة، فالانتكاسة والردة عن الايمان قد تقع ولكنها تقع لأغراض دنيوية في الغالب، اما الانتكاسة سخطة لهذا الدين فهي من الصعوبة بمكان، كما قال هرقل لأبي سفيان حين سأله: وسألتك هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه فزعمت ألا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه احد متفق عليه، ويخطئ من يظن بقصر مفهوم الانتكاسة على ترك الطاعة وفعل المعصية فهذا نوع من انواع الانتكاسات والعياذ بالله وليس كل انواع الانتكاسة، فمن الانتكاسة ان ينتكس الانسان من السنّة الى البدعة، ومن منهج السلف الى منهج الخلف.
مظاهرها
وبين د.الشريكة بعض مظاهر الانتكاسة في ان الكثير ممن ينتحل الافكار التغريبية يتبجحون بأنهم كانوا مستقيمين ثم انتكسوا وهم يحاولون بذلك ان يظهروا للناس انهم عرفوا هذا الدين، ودرسوه وخلصوا الى نتيجة يروجون لها كثيرا يعرفها الحذاق من الناس وإن كانوا لا يصرحون بها علنا.
وأضاف: ونحن لا نستطيع ان نكذب هؤلاء دون دليل لكن الذي نظنه انهم ان كانوا كذلك فهم في الحقيقة تركوا دينا لم يعرفوه جيدا، نعم قد يكون كثير منهم انخرط في جماعات متشددة او ما يدور في فلكها صورت لهم ان الاسلام دين تجهم وتزمت، دين لا يعرف الابتسامة والرحمة والرأفة، فهذا الذي فهموه - ان كان كذلك - ليس بدين محمد صلى الله عليه وسلم الذي ندعو انفسنا والناس اليه، على انه قد يقال ان كثير من هؤلاء إنما تركوا الدين لأغراض دنيوية إما شهوات جسد او معنوية ومالية.
مصاحبة الأخيار
وينصح الشيخ د.عثمان الخميس الإنسان المنتكس لكي يثبت على دين الله تبارك وتعالى بأن يجتهد الإنسان في الدعاء ويسأل الله عزّ وجلّ ان يهديه وأن يثبته فإذا كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يقول: «يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك» فالقلوب تتقلب ولخطورة الأمر وأهميته كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء بالثبات على الدين، فماذا يقول الإنسان؟ عليه دائما ان يسأل الله الثبات وأن يبذل الأسباب التي تعينه بملازمة الصالحين ولزوم الدعاء والابتعاد قد المستطاع عن اماكن السوء ورفقاء السوء وأن يستشعر تقوى الله تعالى في حياته كلها حتى يثبته الله على الصراط المستقيم، وأن يطلب الإنسان العلم الصحيح المأصّل ويلزم السنة ويلتزم بما امر به النبي صلى الله عليه وسلم واجبا او مستحبا، وعليه ان يعالج نفسه، فالإنسان المنتكس قلبه مريض يعالج قلبه وأن يلتزم مع أصحاب صالحين ويبتعد عن اماكن الشبهة ولا يستسلم لأنه في صراع في الدنيا مع الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، فعليك ان تحارب الشيطان (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) وقد بين الله عزّ وجلّ ضعف كيد الشيطان فقال: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) فعليك البعد عن رفقاء السوء الذين يزينون الأعمال السيئة وقد أمر الله عزّ وجلّ النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من شر شياطين الإنس والجن (من الجِنّة والناس) وعلى الإنسان التقرب الى الله عزّ وجلّ بالنوافل والسنن، وقراءة القرآن وتدبره، ومراقبة الله تعالى والدعاء دوما بالثبات.
التوسع في المبيحات
من جهته، يرى د.بسام الشطي أن الانتكاسة ليست وليدة اليوم ويرجع ذلك على عدم معرفة المنتكس بأسباب الفتن وطرق النجاة منها ويعود ذلك ايضا الى ضعف الايمان وعدم الاستشعار بالغربة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء» والغرباء هم اهل الاستقامة على دين الله وعلى تعاليم الله الذين قال فيهم الله تبارك وتعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون)، وكلما التزم الإنسان جاءه البلاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل» وذكر د.الشطي ان امرأة قالت له التزمت وما احد تقدم للزواج مني ولما نزعت الحجاب تزوجت ثم طلقت، وهذه انتكاسة وسوء الظن بالله عزّ وجلّ، فالبعض اذا حدثت له مصيبة يعتقد انه لا أحد يخرجه منها الا ان يكون مثل غير الملتزم وهذا هو الانتكاس في الدين ونحن نعيش في غربة تحتاج الى صبر وأن يختار الإنسان الاصدقاء الصالحين ولا يظن ان فلانا جاءه المال والنجاح في الحياة بسبب عدم التزامه وليعلم ان هذا بلاء (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) وقال تعالى: (ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) وقوله: (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سوَّل لهم وأملى لهم).
وأكد الشطي أن التوسع في المبيحات سبب رئيسي للانحراف ويكون التزام الشخص التزاما اجوف الذي يكون من اسباب الانتكاس كما ان البدعة بعد السنة والجهل بعد العلم سبب للانتكاس ندعو الله بالثبات على الدين.