الشارقة - يوسف غانم
أعادت جلسة «المعجم التاريخي للغة العربية... رسالته الثقافية والحضارية» زوار الدورة الـ 41 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، إلى ذاكرة 18 قرنا جمعها المعجم، ليتوج دور العرب في الإنتاج الثقافي والمعرفي، ويربط أبناء العربية بلغتهم، ويمثل عودة للعرب إلى صدارتهم العلمية والمعرفية في الصناعة المعجمية.
وتحدث خلال الجلسة كل من د.مأمون وجيه، المدير العلمي للمعجم التاريخي، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ود.خليل النحوي، رئيس مجلس اللسان العربي بموريتانيا، ود.محمد السعودي، أمين عام مجمع اللغة العربية بالأردن، وأدارها د.امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، والرئيس التنفيذي لمشروع المعجم التاريخي، وحضرها جمع من اللغويين وخبراء اللغة العربية من دول عربية وأجنبية.
وفي تقديمه للجلسة، قال د.المستغانمي: «إن الشارقة ترسم المشهد الثقافي العربي العالمي، بما تحظى به الثقافة العربية من رعاية من صاحب السمو الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي تكفل بإخراج مشروع المعجم التاريخي للغة العربية مهما كلف من جهد ومال».
وفي كلمة له حول ما يميز المعجم التاريخي للغة العربية، أوضح د.خليل النحوي، أن المعجم متميز عن غيره من المعاجم بسمات رئيسة تتمثل في كون المشروع يمثل عودة للعرب إلى صدارتهم العلمية والمعرفية في الصناعة المعجمية، بوصفهم مؤسسي المنهج العلمي الرائد في علم المعاجم، والذي استفادت منه أمم العالم والحضارات المتقدمة، وهو مشروع عربي يتوج دور العرب في الإنتاج الثقافي والمعرفي.
وأضاف د.النحوي: «يمتاز المعجم التاريخي بجمعه مجامع اللغة العربية تحت مظلة واحدة تقودها إمارة الشارقة، حيث يمثل وحدة عربية ثقافية تحسب لإمارة الشارقة، إضافة إلى تفوقه على المعاجم اللغوية التاريخية العالمية بسرعة وتيرة الإنجاز والعمل، ففي العام 2021، تم إنجاز 17 مجلدا، تضمنت ما يزيد على 2000 جذر، وهي حصيلة عمل عامين، وها نحن بعد عام واحد فقط نطلق 19 مجلدا جديدا تشتمل على أكثر من 4200 جذر».
وفي حديثه حول منهجية المعجم التاريخي للغة العربية، أكد د.مأمون وجيه أن العرب فقدت رصيدا كبيرا من تراثها المعجمي بانقطاع حركة التأليف في القرن الرابع الهجري، حيث حفلت الحضارة العربية بعد ذلك التاريخ بالتطور والتنوع في مختلف القطاعات الحياتية والمعرفية والعلمية التي عبروا عنها بألفاظ ومصطلحات أثرت اللغة، ولم تدون في معاجم متخصصة تتبع تاريخ مدلولاتها، وهذا ما يميز المنهجية التي قام عليها المعجم.
وأشار د.وجيه إلى أن المعجم التاريخي يعتمد على منهجية جمع النصوص الحية جمعا جغرافيا يشمل مختلف مناطق استعمال اللغة العربية، عن طريق مدونة إلكترونية، ثم رصد المادة اللغوية المتعلقة بالجذر في آلاف الوثائق، والبحث في دلالات النصوص، ثم رد كل دلالة إلى عصرها، والتي يعود بعضها إلى عصر ما قبل الإسلام، حتى عصرنا الحاضر.
وحول قيمة المعجم التاريخي للغة العربية في العصر الحديث، أوضح د.محمد السعودي، أن المشروع له قيمة في حاضرنا من خلال إسهامه في رفع رصيد اللغة العربية على الشبكة العنكبوتية، التي غدت تقنيات الذكاء الاصطناعي مسهما بارزا في تحديد الألفاظ التي تحتويها لغات العالم عليها.
وأكد أن المعجم أبرز ألفاظا في العربية تعود في تاريخها إلى لغات موغلة في القدم، مثل الحضارة الفينيقية القديمة، ومع ذلك فقد أمدتها اللغة العربية بميزة البقاء، حتى إنها تستخدم في لهجات عربية عامية بنفس أصول دلالاتها القديمة، وهو ما يبرز قيمة المعجم التاريخي في حفظ التراث اللغوي العربي ومعرفة جذوره وامتداداته في حضارات الأمم الأخرى.