مشروع «عافية» هو بلا شك هدية الدولة للمتقاعدين وبعد هذه الفترة من التطبيق فإن تطوير المشروع إلى الأفضل هو المرحلة المتوقعة من خلال دراسة علمية يشترك في إعدادها جميع الشركاء بمعنى المستفيدين والقطاع الخاص والمسؤولين وممولي الخدمة وفي المقدمة الهيئة العامة للتأمينات.
وتوجد في المشروع الكثير من المقترحات لتطوير الخدمة وتسهيل تقديمها بل وترشيد الاستفادة منها من خلال إعادة التنظيم والهيكلة والرقابة والمتابعة المستمرة لآراء ومقترحات المتقاعدين المستفيدين من الخدمة وتتوافر الآن قاعدة معلومات صحية عن أمراض المستفيدين من خدمات عافية وماذا قدم لهم المشروع.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يدار المشروع حتى الآن إداريا وفنيا وطبيا واقتصاديا وما آليات ومؤشرات تقييمه وما الدراسات العلمية التي أجريت أو صدرت عنه؟ فقد أصبح المشروع جزءا من النظام الصحي بالكويت وأعتقد أنه يجب أن يكون نموذجا يستفاد منه سواء للمتقاعدين أو لغيرهم من فئات أخرى تحت مظلة التأمين الصحي.
وقد يكون منطلقا لخطوات مستحقة لإصلاح مسيرة القطاع الصحي من خلال خطط وإجراءات يتعاون في وضعها جميع الشركاء ويجب ألا نغفل تقارير المنظمات الدولية عن أداء النظام الصحي والتي عادة تكون تقارير علمية وموثقة بالمؤشرات المعتمدة وتضع أداء النظام الصحي في مكانه الصحيح أمام الأنظمة الصحية بجميع دول العالم دون مجاملات.
وكذلك ألا نغفل آمال وطموحات كبار السن والمتقاعدين ورعايتهم الكاملة انطلاقا من برنامج عافية وما سيصدر له من توصيات بالموافقة مع السلطة التشريعية التي أصدرت قانون التأمين الصحي للمتقاعدين وتولت أمانة التطبيق السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الصحة وغيرها من الشركاء الذين لا يعفيهم الصمت عن مسؤولية تطبيق وتحديث البرنامج لأن المتقاعدين وكبار السن يستحقون الكثير وفاء وعرفانا بما قدموه للوطن.
وإن التأمين الصحي للمتقاعدين ورعاية صحة كبار السن يجب ألا ينظر إليه كجزر متناثرة وسط النظام الصحي بل يجب التكامل بينها بأسلوب حديث ومتطور لإدارته طبيا وقانونيا واقتصاديا وأن تكون المنظومة الصحية على مستوى رفيع من الإدارة.
وتحديث الرعاية الصحية للمتقاعدين وكبار السن يجب أن يكون بعيدا عن الخلط بين ممارسات الطب التقليدي التي ظهرت من جديد في بعض دول آسيا مع جائحة كورونا ويجب ألا يوضع في غير سياقه الصحيح حيث ان من يروجون للطب التقليدي من كبار السن والمتقاعدين بحجج تاريخية وتراثية تفوح من بعضها نكهات دهانات من الماضي ولكن ولله الحمد في الكويت لم تفلح هذه المحاولات للخلط بين الطب التقليدي والطب الحديث وذلك لوعي المجتمع فإن عبق التاريخ في طب المتقاعدين يجب ألا يختلط مع ثقافات وعادات تخلط بين تاريخ الطب وبعض الممارسات التي يحاول البعض تسويقها تحت مسمى الطب البديل.