بغض النظر عن النتائج النهائية لانتخابات منتصف الولاية في الكونغرس الأميركي، بات واضحا ان الرئيس السابق دونالد ترامب هو الخاسر الأكبر بعد فشل حزبه الجمهوري في تشكيل «المد الأحمر» الذي طالما روج له، حيث وضعت تلك النتائج ترامب بصفته شخصية مهيمنة في الحزب على المحك، بعدما اعتبر عدد من مستشاريه أنها أضرت بمستقبله السياسي.
وكان يفترض أن تفتح هذه الانتخابات الطريق أمام ترامب لإطلاق ترشيحه للانتخابات الرئاسية لعام 2024، لكن بدلا من ذلك انتهت الأمسية الانتخابية بخيبة أمل للرئيس السابق بعدما عززت النتائج موقف منافسه الجمهوري الرئيسي.
وقال ترامب على شبكته «سوشيال تروث»: «رغم ان الانتخابات كانت مخيبة للآمال إلى حد ما من وجهة نظري الشخصية، فإنها شكلت انتصارا كبيرا». وغداة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، بدأت معركة إلقاء اللوم والاتهامات في صفوف الجمهوريين.
ويرى أحد مستشاري الرئيس السابق أن ترامب هو الملوم لأن «الجمهوريين تبعوه حتى حافة الهاوية»، على ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز».
أما ترامب نفسه فإنه ألقى باللوم على زوجته ميلانيا ومقربين منه، لأنه حثوه على دعم محمد أوز المرشح الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا لمجلس الشيوخ، الذي شكلت هزيمته لصالح الديموقراطي جون فيترمان إحدى أكبر الخسائر للجمهوريين.
وحسب مراسلة «نيويورك تايمز» ماغي هابرمان، فإن الرئيس السابق وصف دعم زوجته لأوز بأنه «ليس أفضل قرار لها».
وقالت هابرمان: «من الجدير بالذكر أن ترامب رجل ناضج، أيد أوز بسبب اعتراض بعض الأشخاص المقربين منه على المرشح الجمهوري الآخر، وبدلا من ذلك ذهب إلى أبعد من مجرد التأييد وهاجم المرشح الجمهوري الأساسي ديف ماكورميك من المنصة في تجمع حاشد».
وعطفا على ما تحمله تلك النتائج من دليل على تراجع مكانته داخل الحزب، شجع بعض مستشاري ترامب وحلفاؤه القدامى الرئيس السابق على تأجيل «الإعلان الكبير» الذي وعد به الثلاثاء المقبل وكان يفترض ان يكون إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة 2024، فقد كشف أحد الأشخاص المطلعين أن ترامب كان يستطلع آراء المستشارين لكنه لم يتخذ قراره بعد بشأن الإعلان رسميا عن ترشحه، بحسب ما نقلت صحيفة «واشنطن بوست».
وفي هذا السياق، قال جيسون ميلر، مستشار ومتحدث باسم ترامب إن «سوف أنصحه (ترامب) بتأجيل إعلانه إلى ما بعد جولة الإعادة» في ولاية جورجيا.
وأضاف: «لست وحدي عندما أقول إنه من الأفضل حاليا أن تنصب تحركات الرئيس السابق على الدفع نحو انتخاب هيرشل والكر». كذلك، أكد 5 مستشارين على اتصال منتظم مع ترامب أنهم يأملون أن ينتظر حتى ما بعد جولة الإعادة في تلك الولاية.
بدوره، نفى ترامب صحة التقارير التي أفادت بأنه غاضب من نتائج الانتخابات النصفية، وقال في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» إنه يرى أن نتائج الانتخابات كانت جيدة، وأن كل من دعمهم أبلوا بلاء حسنا.
وردا على سؤال عما إذا كانت النتائج الباهتة ستغير قراره بشأن خوضه السباق الرئاسي، أشار ترامب إلى أنه سيمضي قدما في خططه.
ويبدو أن الانتكاسة التي لحقت بخطط الرئيس الأميركي السابق، قد أنعشت آمال منافسه المحتمل على نيل ترشيح الحزب الجمهوري حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس ذي الشعبية داخل اليمين. وأصبح أبرز خصم محتمل لترامب في السباق للانتخابات التمهيدية عام 2024.
على الطرف المقابل، أشاد الرئيس جو بايدن بما اعتبره نجاح حزبه الديموقراطي في صد «موجة حمراء» جمهورية.
وقال بايدن (79 عاما) في أول تصريحات أدلى بها منذ انتهاء التصويت: «لم يحصل ذلك.. أعتقد أنه كان يوما جيدا بالنسبة للديموقراطية».
وبدا فوز الجمهوريين بالغالبية مقاعد مجلس النواب مرجحا، لكن ليس بالحد الذي كانوا يأملون به أو توقعته الاستطلاعات.
ولم ينتظر بايدن صدور النتائج النهائية للاحتفال بنجاح الديموقراطيين في تجنب انتكاسة أكبر كانت متوقعة، لا بل انه حقق افضل نتائج في عقدين من الزمن لنتائج انتخابات منتصف الولاية لرئيس مازال في منصبه. وصرح كبير موظفي البيت الأبيض رون كلين «لا تستهينوا قط بفريق بايدن».
وشدد الرئيس الديموقراطي في تصريحات أدلى بها للصحافيين في البيت الأبيض على «نيته» الترشح لولاية ثانية عام 2024، متعهدا التوصل إلى قرار نهائي في هذا الصدد «مطلع العام المقبل».
كما استغل بايدن الفرصة لمد يده إلى المعارضة الجمهورية، مؤكدا انفتاحه على جميع «الأفكار الجيدة».