خلال الأيام القليلة الماضية، طرح سؤال منطقي نفسه أمامي، وهو هل يتغير ثقل العالم خلال السنوات القادمة وتصبح دولنا مركزا للثقل السياسي، وليس فقط للثقل المتعلق بالطاقة والنفط؟ وهل يكون لعواصمنا دور محوري في رسم وتوجيه سياسة العالم بعد أن نقلت لنا المواقع زيارات قادة ورؤساء دول العالم سواء إلى شرم الشيخ أو بعد ذلك إلى الإمارات والسعودية، وكذلك إلى قطر حيث كأس العالم، أم أن ما يحدث ليست له علاقة بمركز الثقل أو مراكز رسم السياسات سواء للسلام أو للحرب، وخصوصا أن دورنا غير واضح في مناطق توتر مثل الصين أو أن دورنا في الحرب بين روسيا وأوكرانيا مازال يكتنفه بعض الغموض أو أن ما يحدث بين تركيا والاتحاد الأوروبي مازال بعيدا عن اهتماماتنا؟.
ولكن ما تراه الآن قد يكون مقدمة لإعادة الدور التاريخي لمنطقتنا وإعادة رسم موقعها على خريطة العالم وسط ظروف شديدة الدقة وفي ضوء إعادة رسم خريطة العالم بأقلام ومداد جديد وبفكر متجدد وسط منظمات دولية وقوى آن الأوان لإعادة إصلاحها وهيكلتها من جديد بعد تغير الظروف منذ الحرب العالمية الثانية التي تمخضت عن ميلاد ميثاق الأمم المتحدة وما أكد عليه من مبادئ حقوق الإنسان وهي مبادئ لم توضع بعد في إطارها الصحيح أو سياقها العادل في كثير من المواضيع والأحداث.
ومازال السؤال مطروحا، هل هناك دور جديد لمنطقتنا يلوح في الأفق أم أنه مازال دورا بروتوكوليا للضيافة والترحيب بحرس الشرف وكرم الضيافة تحت عدسات الإعلام وهي عدسات ليس لنا أي فضل في صناعتها واستخدامها أو الابتسامة تحت أضوائها المبهرة وسط أحداث ليست مبررات لأي ابتسامة، وقد لا توجد حتى الآن أدوات لصنع الابتسامات. إن الاستعداد للدور الجديد يتطلب التوسع في وجود المراكز المتخصصة لدعم اتخاذ القرارات فضلا عن توسيع قاعدة الإلمام بثقافات ولغات المناطق المختلفة من العالم ووجود رؤية واضحة ترتبط بالمواقف وليس بالأشخاص مع إدراك أهمية المصالح في العلاقات الدولية ورسم السيناريوهات الافتراضية بمحاورها المختلفة.
فهل لدينا الأدوات، وهل نتدرب عليها استعدادا لدور قيادي يحتاجنا العالم للقيام به وليس مجرد دور الوسيط أو نجم البروتوكول، حيث إن الديبلوماسية قد تنوعت فروعها وأساليب عملها إلى ما هو أرحب من الضيافة وحسن الاستقبال ودفء العلاقات الإنسانية وقواعد البروتوكول استعدادا للضيافة وترتيب أدوات الموائد.