ما كان بعيدا قد اقترب، وما كان منتظرا قد شارف على البدء، وها نحن على أبواب تظاهرة عالمية لا تتكرر إلا كل أربع سنوات، وهي أن كأس العالم القادمة على بعد كيلومترات قليلة من العاصمة الكويتية، فهل نستحق هذه الكمية من الحظ؟
قطر الشقيقة سعت جاهدة على مدى سنوات ماضية لاستقبال هذا الحدث العالمي المميز، وهي بلا شك جديرة بتنظيمه، لما تملكه من عقول تدير مناسبة بهذا الحجم وهذا الكم من البشر القادم على أراضيها، وعلى الرغم من كل ما مرت به من تشكيك وأزمات خلال سنوات قليلة ماضية، إلا أنها أثبتت أنها على مستوى الحدث، ونحن في الكويت شعبا وحكومة نعتز بكوننا ذراعها إن أرادت في أي مجال قد يخدمها في الضيافة والاستضافة.
اللافت أن دول الخليج تفاوتت في حجم التفاعل مع هذا الحدث القريب جدا زمنيا ومكانيا، ونرى كيف أن المملكة العربية السعودية المعروفة بإجراءات دخولها الصارمة لما عانته من سنوات طويلة فيما يعرف ببقايا الحجاج، أنها فتحت المجال للفيزا السياحية على أرضها فترة المونديال بشروط معقولة، فكل من يملك فيزا أوروبية أو أميركية أو مقيما في الخليج هذه الفترة يمكنه استخراج فيزا سياحية لدخول أراضي المملكة، وكل ذلك بتفاصيل مذكورة على منصاتها الرسمية، ولأن المملكة عرفت كيف تستغل هذا العدد المهول من الجماهير القادمة من كل أنحاء العالم لمساندة دولها المشاركة في كأس العالم، فهذه الجماهير ستسكن الفنادق وتأكل في المطاعم وتتسوق في المجمعات والأسواق وتدخل المرافق الترفيهية والسياحية، وكل ذلك يدعم اقتصادها المحلي وينعشه، في حين أننا في الكويت اكتفينا ببيان مجلس الوزراء، وهو مستحق ومثمن، بدعم قطر لاستضافة المونديال، ولكننا في الكويت نطمح لما هو أكبر من الدعم المعنوي، نحن نريد أن نستفيد من وجود العنصر البشري الهائل في بقعة قريبة جدا منا بفتح الأبواب لكل الزائرين، فالكويت ليست من الدول التي يقصدها السياح من دول العالم، ولكن وجود فنادق وأجواء هادئة ومناسبة ومرافق قريبة من أرض الحدث قد تساعد في استقطاب الجماهير وهو الشيء الاستثنائي هذا العام، والذي يتطلب إجراءات وقرارات استثنائية منا كدولة ومؤسسات حكومية وخاصة.
سكان العالم غالبا لا يعرفون عن الكويت سوى أنها بلد تحرر من العراق عام 1991، وإن كانت دولا فقيرة فقد تعرف عن الكويت مساعداتها وأعمالها الخيرية التي هي بالمناسبة مدعاة فخر واعتزاز لنا جميعا، ولكن علينا أن نطمع باستغلال هذه المناسبة لنري العالم ما نتمتع به من ديموقراطية وسلام، ونشاط اقتصادي وعقول شابة ومتميزة في المشاريع والابتكارات، نطمع بأن يرى العالم كله أخلاق الشعب الكويتي عن قرب، نستضيف الجماهير وندعوهم لمشاركتنا اللحظات القليلة أثناء المونديال لندعوهم بشكل مباشر وغير مباشر للتعرف على ديننا وقيمنا السامية.
ليست هذه مناسبة عادية، لذلك من الغريب جدا أن يكون تفاعلنا معها عاديا جدا، وكأن يكفينا فقط أن نرى كيف فعل غيرنا من جيران المونديال هذا العام لنحذو حذوهم ونسير على خطاهم إن لم نكن على استعداد للابتكار واستغلال الفرص.