بيروت عمر حبنجر
الرقم 7 هو المميز بين جميع الأرقام، فأيام الأسبوع «سبع»، وكذلك القارات والبحار وعجائب الدنيا، وأخيرا شارة النصر، فهل يكون الرقم 7 الذي تحمله هذه الجلسة النيابية المقبلة لانتخاب رئيس فألا حسنا وترفع لها علامة النصر، أم تنتهي كسابقاتها على أبواب جهنم؟
هذه الجلسة مكبلة كسواها بعقدة النصاب القانوني، بين الثلثين أو النصف زائد واحد ، لكن المسألة بالنسبة لرئيس مجلس النواب نبيه بري محسومة.
وواضح ان الجدل حول النصاب كان مفتعلا وبهدف تمرير الوقت ريثما تخرج الرئاسة اللبنانية من المطابخ الدولية المعروفة، وعلى رصيف الانتظار يقف أيضا رئيس التيار الحر جبران باسيل الذي حفر خندقا في باريس وراح يطلق منه سهامه باتجاه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مباشرة وثنائي «أمل» وحزب الله ضمنا، حتى بلغت تصريحاته ضد فرنجية حد الإسفاف الشخصي، أما رسائله للحزب، فقد تكررت بقوله «ما بيقطع رئيس إلا برضانا».
وترى صحيفة «نداء الوطن» ان باسيل احرق مراكبه مع «الثنائي»، وانه يراكم المشاكل والعداوات ليقتات سياسيا من جناها، ويعوم على ظهرها في لعبة تكريس الدور والوجود.
ويرى باسيل انه بحملته على فرنجية استدرج حزب الله الى المجاهرة في ان يكون رئيس تيار المردة مرشحه، وليؤكد على ما قاله: «بلانا ما فيهم يجيبوا رئيس، ونحنا لن نسجل على حالنا اننا انتخبنا حدا مثل سليمان فرنجية!».
ونسبت الى فرنجية تغريدة نارية ضد باسيل وفيها قوله «الأقزام عند مغيب الشمس، ترى خيالاتها أكبر..» وسرعان ما تبين ان هذه التغريدة قديمة، وقد اطلقها فرنجية خلال الانتخابات البلدية العام 2016.
ورد ديبلوماسي لبناني متسائلا: كيف يمكن وصول فرنجية إلى الرئاسة ما دام ليس معه سوى صوتين نيابيين مسيحيين هما (جله النائب طوني فرنجية والنائب فريد هيكل الخازن؟
النائب جميل السيد غرد مؤكدا على انعدام الود بين فرنجية وباسيل، «لكن الأسوأ ان تطلق النار قصدا أو خطأ على نفسك».
من جهته، سليمان فرنجية مازال مقلا في الكلام في هذه المرحلة، لكن مطلعين على مواقفه نقلوا عنه لصحيفة «الأخبار» القريبة من حزب الله قوله «أنا حاضر للاحتمالات كلها. للرئاسة أو لعدم الوصول إليها. الأفرقاء يتناحرون اليوم عليها كأنها جائزة لوتو بينما هي في الواقع كرة نار حقيقية».
وأضاف «الرئيس التوافقي ليس المنتخب توافقيا وحسب، بل الذي يتصرف كذلك. وأنا لن أكون رئيس فريقي وحده»، غامزا هنا من قناة الرئيس السابق ميشال عون، و«ما سأفعله انني لن أتآمر على المقاومة، كما لن أتآمر على خصومها وأعدائها».
أما النائب باسيل فقد طارت رسالته الحامية من باريس الى بيروت التي رفع فيها السقف بالذات ضد الرئيس بري الذي ردت مصادره بالكشف عن لقاء سري فاشل عقده مع باسيل وبناء لطلب الأخير، قبل ان يغادر الى باريس.
ونقلت قناة «الجديد» ما يبدو انه محضر للاجتماع الذي عقد بين بري وباسيل في عين التينة، قبل يوم من توجه الأخير الى باريس، طالبا فتح صفحة جديدة في العلاقة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل.
ونسق باسيل الموعد مع كريمة الرئيس بري، القائم بأعمال السفارة اللبنانية في قطر السفيرة فرح بري، وذلك أثناء زيارته الى الدوحة الاسبوع الماضي، فاستجاب الرئيس بري كالعادة منفتحا على الحوار.
ووفق معلومات خاصة، بدأ باسيل بعرض تفاصيل ما جرى في اللقاء بينه وبين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وأخبره أنهما لم يتفقا رئاسيا بسبب دعم نصرالله لفرنجية.
وأضافت المعلومات أن باسيل عرض على بري الاتفاق على اسم شخصية مارونية وإيصالها الى قصر بعبدا، وتعهد باسيل أن يأتي لها بدعم بكركي وأن يحصل على غطاء البطريرك الماروني بشارة الراعي، وبذلك يكون المرشح الرئاسي وفق باسيل قد نال الغطاء اللازم منه ومن بري والبطريرك الماروني، ليعرضه بعدها على باقي الفرقاء السياسيين من اجل انتخابه.
ويعتقد باسيل انه عندما يرى الأمين العام لحزب الله أن حليفيه متفقان، ويتيقن أنه غير قادر على يأتي بفرنجية رئيسا، عندها يتبنى حزب الله المرشح الذي يختاراه (أي باسيل وبري).
وتلقى باسيل نصيحة من الرئيس بري مفادها أن يذهب الى حليفه الوحيد السيد حسن نصرالله وأن يتفق معه على الرئاسة لأنه المسؤول في هذا الملف، وأن يعود اليه بعدها ليطلعه على جواب حزب الله، وهو بدوره أي بري سيوافق على ما يتفقان عليه.
الا أنه حين لم يصل باسيل الى مبتغاه الرئاسي، غادر عين التينة متوجها في اليوم التالي الى باريس، وسرب بعدها كلاما يهاجم خلاله الرئيس بري، الذي كان يحاول قبل يومين فقط أن يعقد صفقة رئاسية معه في الخفاء، ويتظاهر بطلب الإصلاح الحقيقي في العلن.
وأعلن باسيل أنه يعمل على إيجاد مرشح توافقي للرئاسة يكون قادرا على المضي قدما في إصلاحات حاسمة، لكنه سيرشح نفسه للمنصب إذا رأى أن المرشح الذي وقع عليه الاختيار ليس بالخيار الجيد.
وقال باسيل في حديث لـ «رويترز»: «أنا زعيم أكبر كتلة نيابية، ومن حقي تماما أن أكون مرشحا وأن أروج اسمي، لكني أرى أن وجود لبنان أهم بكثير من هذا، ووجود لبنان الآن على المحك».
وأضاف «لقد اتخذت قرارا بعدم تقديم نفسي من أجل تجنب شغور الوظيفة وتسهيل عملية ضمان اختيار مرشح جيد يملك حظوظا عالية للنجاح. لكنني لم أفعل ذلك من أجل إطالة أمد الفراغ واختيار مرشح سيء لشغل المنصب. لن أقبل أن يكون لدي رئيس سيء وفي هذه الحالة بالطبع سأترشح».
وأشار باسيل إلى أنه في باريس في إطار جهد أوسع لإنشاء إطار يمكن التوافق عليه محليا ودوليا بهدف تسهيل مهمة الرئيس القادم في المضي بإصلاحات اقتصادية حاسمة دون أن يقابل العقبات التي تكرر ظهورها في الماضي.