قبل نحو 4 أشهر دخلت مع والدي إلى طوارئ أحد المستشفيات الحكومية في نهاية أسبوع، وكان المستشفى شبه خال.. دخل علينا فجأة مجموعة شباب مصابين من حادث سيارة ومعهم اثنان من رجال الشرطة، وبعدها بلحظات دخل علينا أيضا مجموعة من الشباب في سن المراهقة تبدو عليهم آثار جروح ونزيف، طلبت من الدكتور المناوب أخذ والدي إلى غرفة خاصة لاستكمال فحوصاته فيها بعد أن عرفت أن المجموعة الأولى التي دخلت إلى المستشفى وادخل على اثرها سائق السيارة بكسور متفرقة بجسمه ووفاة صديقه المرافق له كان يقود سيارته وهو تحت تأثير المخدرات، وبعد أن عرفت أن المصاب بالجروح اثر عراك من المجموعة الأخرى أيضا كان تحت تأثير المخدرات، وبعد أن دخل علينا شخص ثالث والقيود على قدميه بسبب ارتفاع انزيمات القلب عنده بسبب تعاطيه جرعات كبيرة من المخدرات تمنع دخوله إلى المصحة قبل معالجته بالمستشفى، استوقفني والد الشخص الثالث الذي كان يجهش بالبكاء بعد أن رفضت الشرطة توصيل ابنه للمستشفى قبل إيداعه في مركز علاج الإدمان الذي رفض استقباله في البداية وإجباره لهم بذلك خوفا على حياته، حيث قال لي تخيل يا ابني: لا يمكنك البلاغ بأي منطقة في الكويت عن مدمن أو متعاط إلا من خلال الذهاب لعمل بلاغ في مركز في منطقة الجهراء!، الخط الساخن فقط للاعلام، كما لا توجد مصحات على مستوى عال بالكويت، بل بإمكان المتعاطي الخروج بعد أسبوع أو 10 أيام بالكثير ليعود من جديد ويشكل خطرا على نفسه وعلى الآخرين، ليخرج ويعود إلى المركز ويسبب الأذى للآخرين، وليعود جسمه من جديد للبحث عن المخدرات ولا يوقف ذلك إلا موته أو إذا قام بعمل جريمة تدخله إلى السجن!
المتعاطي قبل أن يكون مجرما في عين المجتمع هو أيضا ضحية لتهاون وتراخ، بل ودعم جهات حكومية قامت بالتخلي عن أداء مهمتها في ضبط الأمن وسد أي ثغرة تمكن مرور هذه السموم لأجساد هؤلاء الضحايا، التي دمرت حياتهم وشتتت أسرهم وضيعت حياتهم الوظيفية، بالمقابل يجب على الحكومة أن تدعم كل الجهات الخاصة والعامة والجهات الخيرية لتمكينها من نشر الوعي بطرق مبتكرة غير تقليدية وإعادة تأهيل المدمن ليقف على قدمه من جديد ويكون شخصا منجزا لبلده تفخر به أسرته، وتقطع أي خطوة قدم قد تعود به إلى طريق التعاطي، يجب على وزارة الداخلية: وضع قسم للإبلاغ عن المدمنين في كل منطقة أو على الأقل في كل محافظة، ويجب إنشاء مركز علاج طويل المدى لا تقل مدته عن 3 أشهر إلى سنة، مع معالجة موضوع التزامات المدمنين المالية من قروض وتأمينات.. الخ، بالتعاون مع الجهات الخيرية ومع إجبار المدمن على تحمل تلك الديون ما لم يستكمل علاجه، وأخيرا استكمال نقاط التفتيش والحرب على تجار المخدرات ووضع اشد العقوبات عليهم.
المخدرات حرب خفية يجب على الجميع التكاتف لمواجهتها والانتصار عليها والحد من أضرارها من خلال نشر الوعي لتدارك الوقاية قبل العلاج، ونشر الوعي للجميع بكيفية التعامل مع المدمن بطرق إيجابية بشكل خاص، والوعي المجتمعي لمواجهته بشكل عام.
[email protected]