كلما حدث موقف عام أو أزمة، أجد فورا أن العهد الجديد أصبح بشكل فعلي حاضرا بين أيدينا، ونحظى فيه بحكومة قوية، أبرهن على ذلك بالأزمة الأخيرة التي أثارها الاتحاد الأوروبي حول منح الكويتيين الشنغن وتلويح الاتحاد إلى عدم إمكانية تقديم ذلك نظرا لتنفيذ الكويت عقوبات بالإعدام على مجرمين بالرغم من انتهاء جميع إجراءات التقاضي.
وفي الأزمات تظهر المعادن الحقيقية، وأكثر ما لفت انتباهي في أزمة «الشنغن» هو الرد السريع والحاسم والذي لا يختلف عليه أحد من جانب وزير الخارجية الشيخ سالم العبدالله، والذي أكد من خلال تصريحه أنه لن يتم السماح حتى للأصدقاء بالتدخل في الشؤون الداخلية للكويت، وأن الشنغن مجرد وسيلة وليست غاية للكويت، وأن الهدف منه هو توطيد العلاقات مع الدول الأخرى، والحقيقة أن هذا الرد فائق القوة، يكشف عن عقلية جبارة ذات ثقة، وأن النجاح بتفوق كان نتيجة الاختبار الأول لوزارة الخارجية بالعهد الجديد.
وأعتقد أن الاتحاد الأوروبي لم يحسن حساباته في التعامل مع أمر الشنغن ومنحه الكويتيين، وذلك لعدة أسباب أولا الكويت دولة ذات سيادة تتمتع بحرية الرأي والعدالة، ونزاهة القضاء أمر معروف للقاصي والداني، ولا مجال للتشكيك في قضائنا، ثانيا اعتبار أن تنفيذ أحكام الإعدام هي قصاص وحقوق مواطنين أزهقت أرواحهم وبالتالي فإن من أجرموا سيحصلون على العقوبة وفقا لأحكام القانون، دون تحامل عليهم، ولن أتطرق إلى ما يعانيه السجناء في أوروبا وكم عدد الإعدامات هناك، وما تناقلته وسائل الإعلام عن أشخاص دخلوا إلى السجون شبابا وخرجوا منها كهولا وبالنهاية أثبتت براءتهم.
وأرى أنه إذا كان الاتحاد الأوروبي يعتبر «الشنغن» بالأمر المغري لنا ووسيلة ضغط على قوانين وعدالة الكويت هذا غلط لأنهم لن يستطيعوا أبدا، فالكويت ذات سيادة مستقلة وأود أن أشيد بموقف أبناء وطني على بيان الاتحاد الأوروبي، وحالة الدعم العظيمة لقرارات القضاء الكويتي، وأن الجميع بات يرفض الشنغن إذا كان الهدف من وراءه التدخل في شؤوننا الداخلية والمساس بسيادة الكويت، وأن أقدامنا لن تطأ طريق التنازلات نقطة أول السطر.
***
أعبر كمواطن كويتي عن الإنجاز الحافل الذي تشهده الشقيقة دولة قطر، والتي أصبحت أول بلد عربي يستضيف فعاليات بطولة كأس العالم، وبشهادة الجميع فإن التجهيزات التي عملت قطر على تنفيذها خلال الفترة الماضية، وما سنراه من أشياء مبهرة خلال حفل الافتتاح والتي أكد الكثيرون أن ما أنفق على تلك التجهيزات يفوق ما أنفق خلال البطولات السابقة لكأس العالم، كل ذلك ينبئ بأن العالم سيكون مع بطولة غير عادية، والمقصد من الإشارة إلى بطولة كأس العالم هو أن العالم بأكمله يتوجه إلى الدول العربية وليس العكس، وبالتالي فنحن الكويتيين لا حاجة لنا في «شنغن» يمس بحرياتنا وسيادتنا وقوانيننا.
والحق أقول، إن الكويت ظلت محافظة على تاريخها خاصة الإنساني وانها لم تعرف يوما سبيلا للدماء، وأنها تنتهج درب الإنسانية والعدل والحق، ولن تحيد عن ذلك مهما كلف الأمر.
Dstoory40gmail.com