الدوحة - عبدالعزيز جاسم وفريد عبدالباقي
أعلن أمير قطر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني افتتاح مونديال قطر 2022 من ستاد البيت، قائلا: «بدءا من هذا المساء وطوال 28 يوما، سوف نتابع ومعنا العالم بأسره المهرجان الكروي الكبير، في هذا الفضاء المفتوح للتواصل الإنساني والحضاري».
وشارك في الحفل عدد من الشخصيات ورؤساء الدول والحكومات بينهم ممثل سمو الأمير سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس جمهورية جيبوتي إسماعيل عمر جيله، ورئيس السنغال ماكي سال، والرئيس الرواندي بول كاغامي، وولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ونائب رئيس دولة الإمارات - رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إضافة لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، كما حضر الحفل أيضا الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ ورئيس «فيفا» جياني إنفانتينو.
وبعد حفل افتتاحي انطلق بآيات قرآنية عن التقارب بين الشعوب ألقاها الشاب القطري غانم مفتاح خلال حوار مع الممثل الأميركي الشهير مورغان فريمان واستذكار النسخ المونديالية السابقة، قال صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد: «من قطر.. من بلاد العرب.. نرحب بالجميع في بطولة كأس العالم 2022». وأضاف: «لقد عملنا ومعنا كثيرون كي تكون من أنجح البطولات، بذلنا جهدا واستثمرنا في الخير لإنسانية جمعاء، وأخيرا وصلنا إلى يوم الافتتاح الذي انتظرتموه بفارغ الصبر».
وأردف قائلا: «سوف يجتمع الناس على مختلف أجناسهم وجنسياتهم وعقائدهم وتوجهاتهم هنا في قطر وفي جميع القارات للمشاركة في اللحظة ذاتها»، لافتا إلى أنه «ما أجمل أن يضع الناس ما يفرقهم جانبا لكي يحتفوا بتنوعهم وما يجمعهم في الوقت ذاته».
استغرق حفل الافتتاح 30 دقيقة وشمل برنامجا مكونا من 7 فقرات أحياها فنانون عالميون ومزجت بين التقاليد القطرية والثقافة العالمية، بينما تم الاحتفال بالمنتخبات الـ 32 المشاركة وبالدول المستضيفة السابقة لكأس العالم وبمتطوعي البطولة.
وتميزت فقرات الحفل بإبهار بصري لم تشهده افتتاحيات بطولة كأس العالم من قبل، واستخدمت فيها أحدث تكنولوجيات الإضاءة والصوت والخدع البصرية في انسجام دقيق مع حركة التصوير والمجاميع والجمهور في أرضية الملعب وفي المدرجات.
وينظر إلى هذا العرض على أنه عرض عالمي معاصر يقدم رسالة مهمة تخرج من الوطن العربي الكبير إلى العالم أجمع، ومن خلاله تم توجيه دعوة لالتقاء الجميع في وحدة واحدة، وربط الجسور بين جميع الاختلافات في العرق والثقافة واللون والجنسية، لملء كل المسافات بالقبول والاحترام والتعايش حيث تتيح لنا البطولة أن نلتقي كقبيلة واحدة.. والأرض هي الخيمة التي نعيش فيها جميعا ونستظل بظلها.
ولقد استند سرد الحفل إلى مفهوم مرئي قوي ومشروع موسيقي مخصص ومتنوع، دامجا التقاليد القطرية مع الثقافة العالمية عبر 7 لوحات مبهرة: (النداء، لتعارفوا، إيقاع الأمم، نوستالجيا كروية، الحالمون، جذور الحلم، هنا والآن).
وارتكز الحفل على رمزية (جسرين ضوئيين معلقين) يمثلان دلالة المسافات المتباعدة بين أفكار الناس وكيفية ملئها بالحوار والتفاهم وصولا للتعايش.
قرش الحوت
بدأ حفل الافتتاح باللوحة الأولى (النداء) من خلال مشاهد سينمائية تمثل تلبية النداء الخارج من صوت ضربات «الهاون الذهبي» الـ12 الذي تطرقه سيدة قطرية.
قرش الحوت، وهو صوت ينادي للتجمع في ستاد البيت (بيت الشعر) - في دلالة على ستاد البيت الذي احتضن حفل الافتتاح - وبعدها يبدأ الارتحال عبر قرش الحوت (النهم) الذي تشتهر به سواحل قطر فيخرج من البحر بصورة فنتازية محلقا فوق أرض وصحراء عربية.
وقد تضمنت الصورة الأولى لحفل الافتتاح دلالات ورموزا عدة تشير كل منها إلى معنى معين، فالهاون لدى العرب هو رمز للكرم والعطاء، والبيت قديما كان يتجهز لاستقبال الضيوف بدق البن ومختلف أنواع الحبوب.
أما الـ12 دقة فترمز إلى 12 عاما من التحضير للبطولة، لذا تم دق الهاون في النداء 12 مرة، تمثل كل سنة ضرب بها وتد للبناء والاستعداد.
وجرى اختيار القرش الحوتي (النهم) لأن قطر تعتبر موطنا لواحد من أكبر تجمعات أسماك القرش الحوتية في العالم، وفي تقاليد البحار يعتبر القرش الحوتي من «العمالقة اللطيفين» ذات البقع البيضاء علامة على التفاؤل، وهو مخلوق رمزي وبوصلة روحية لجميع الملاحين.
أما اللوحة الثانية فحملت عنوان «لتعارفوا» وخلالها يتعرف الفنان العالمي مورغان فريمان بالشاب القطري غانم المفتاح الذي يمثل الأجيال الجديدة في المنطقة، وكل منهما يعتلي جسرا مضيئا يعبران عن اختلاف وجهات النظر وتباعد الآراء، يدور بينهما حوار عالي المستوى تتصحح فيه بعض المفاهيم المغلوطة حول ازدواجية المعايير وكيفية إطلاق الأحكام المتسرعة، بناء على الحوار الذي دار بينهما والذي تضمن إشارة واضحة (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) ويتوحد الجسران بعرض مرئي لما يعنيه التقبل والاحترام والتعايش سعيا لملء المسافات بين الشرق والغرب.
وانتهت اللوحة بأغنية «هلا» التي تشير إلى الترحيب، يجتمع أثناءها جميع المشاركين في اللوحة في تشكيل رمزي يتساوى فيه الجميع.
«إيقاع الأمم»
اللوحة الثالثة في حفل الافتتاح «إيقاع الأمم» وبدأت بالعرضة القطرية، وفي هذه اللوحة التي خصصت بالكامل للاحتفال بمشجعي كرة القدم من جميع أنحاء العالم، تكريما للقلب الحقيقي لهذه الرياضة «المشجعين» تم جمع أشهر هتافات تشجيع المنتخبات المشاركة من 32 دولة في عمل فني مبهج ومعاصر، وذلك لأول مرة في تاريخ بطولات كأس العالم.
يتزامن مع الأهازيج دخول عناصر جمالية واحتفالية تتصدرها أعلام الدول وموكب من قمصان الفرق المشاركة في البطولة. ثم يسلط الضوء على الأبطال الحقيقيين وهم المشجعون من جميع الدول الـ32 المتواجدون في ستاد البيت.
«نوستالجيا كروية»
وحملت اللوحة الرابعة عنوان «نوستالجيا كروية» وجرى خلالها الاحتفاء ببطولات كؤوس العالم السابقة والدول المستضيفة لها، وذلك من خلال عمل فني موسيقي مزج بين ذكريات يتردد صداها مع عشاق كرة القدم في جميع أنحاء العالم وغير المشجعين على حد سواء، على إيقاع موسيقي مع إسقاطات أرضية بصرية هندسية في تزامن مثالي مع المؤدين.
وعرضت الشاشات في ستاد البيت أبرز اللحظات التي لا تنسى في كؤوس العالم الماضية ممزوجة بعناصر فنية مثل تعويذات بطولات كؤوس العالم الـ10 الرسمية بشكل ضخم، في استحضار تجسيدي لفكرة مسلسل الرسوم المتحركة المصغر «عالم التعويذات» الذي تم إصداره لكأس العالم FIFA قطر 2022.
«الحالمون»
وفي اللوحة الخامسة «الحالمون» يظهر لعيب.. تعويذة كأس العالم 2022 على أنغام أغنية «الحالمون» وهي أغنية ضمن الألبوم الغنائي الخاص لكأس العالم 2022 إلى جانب «أرحبو» و«هيا هيا» و«قناديل السماء» وهي من غناء اليشا كيز والمطرب القطري فهد الكبيسي والنجم العالمي الكوري جونغكوك من فرقة بي تي اس.
وجسدت أغنية «حالمون» طموحات أمة تجرأت على الحلم، وجعلت ذلك الحلم حقيقة في رسالة للعالم بأن قطر تجعلكم جزءا مهما من تحقيق هذا الحلم كما وعدت قبل 12 عاما، حان الوقت، هنا والآن.
ويمهد لعيب لدخول أغنية «الحالمون» إذ يتجول على أرض الملعب منضما إلى التعويذات الأخرى، ولأول مرة يشهد العالم ظهور «الحياة الواقعية» للعيب بشكل ساحر.
سرد تاريخي بصري
أما قصة قطر الخاصة مع كرة القدم فتقدمتها اللوحة السادسة من حفل الافتتاح «الحلم» وفيها سرد تاريخي بصري يستعرض كيف أن الحلم ترسخ في قلب هذه البلاد منذ البداية والتي تتوجت باستضافة بعض أكبر الأحداث في العالم، بما في ذلك هذه البطولة. وفي نهاية الڤيديو، يسلم صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نسخة من القميص التاريخي الذي شوهد في الڤيديو إلى صاحب السمو الأمير الوالد ليوقعه كرمز للإرث. وتلك اللقطات التاريخية تم عرضها لأول مرة، وشوهد فيها سمو الأمير الوالد ومجموعة من أصدقائه ممن ساهموا في بناء قطر وهم يمارسون كرة القدم في الصحراء.
«هنا والآن»
اللوحة السابعة «هنا والآن» وهي ختام حفل الافتتاح من أرض قطر للعالم مع ظهور مميز للشعار الرسمي لكأس العالم FIFA قطر 2022 من الأرض للعالم بارتفاع مميز (15 مترا).
وتلتقي في اللقطة النهائية عناصر الحفل المختلفة: قمصان الفرق وتعويذات البطولات والممثلون والمؤدون مع مجموعة مختارة من المشجعين من جميع أنحاء العالم، يعيشون شعور الاحتفال بالبطولة بطريقة لا تنسى على الإطلاق في خاتمة مذهلة، ومع اكتمال الالتقاء تمتلئ السماء بعرض الألعاب النارية.