سعدنا كثيرا بعودة معرض الكويت الدولي للكتاب من بعد انقطاع لفترة بسبب كورونا، وكانت هناك الكثير من الإنتاج الثقافي والأدبي والعلمي الرائع لكتاب فاضلين تُشكر جهودهم على مساهمتهم في إثراء المعرفة العصرية، ولكن تبقى نسبة لا يستهان بها من بين هؤلاء (شباب وشابات) محط انتقاد كظاهرة ثقافية جديدة نابعة من وراء المادية التي صنعتها وسائل التواصل الاجتماعي.
إنها ظاهرة تطرق أبواب الخطر الثقافي والفكري المنعكس على شباب اليوم، إنها ظاهرة تمتاز بضعف العائد الثقافي، وهي حاله مصطنعة تختبئ وراء كواليسها المادية بامتياز، فإن ما يحدث على ساحة المعرض شيء غريب يدعو للتأمل والوقوف عنده، حيث الأضواء المسلطة على بعض مشاهير السوشيال ميديا والشباب المبتدئين الصغار «إلا من رحم ربي» صانعي الروايات والذي أغلب إنتاجهم ينحصر حول 3: خواطر وأشعار - روايات - تنمية ذاتية، بعيدا عن تسليط الضوء على الكتب ذات الطابع العلمي أو التاريخي أو العلمي.
ومن جهة أخرى، راقبت توجه الجمهور في اقتناء الكتب خاصة الفئة العمرية بين 12 و25 عاما وكانت كالتالي:
- اعتماد شراء الكتب على الكم وليس على النوع وهذا مؤشر على انخفاض الوعي الثقافي لديهم والتي من واجب المؤسسات التعليمية صقل النظرة الثقافية لاقتناء الكتاب.
- الشهرة سبب لجذب هذه الفئة وحفل التوقيع الذي يروج للكتب الهزيلة مع احترامي للتعب المبذول - التي لا تجدي بالنهاية إلا اللغو والهزالة الفكرية.
- بعض الكتب بها من الخواطر والتنمية الذاتية التي لا تناسب الذات الإنسانية بوجه العموم إنما هي آراء شخصية تمثل صاحبها.
- توجيه أهداف الفئة العمرية المذكورة أعلاه إلى أمرين مهمين ألا وهما: المادية - والشهرة.
في السابق كان غالبية الإنجازات العلمية والثقافية والأدبية والتنموية والتخصصية هدفها إيصال علم ينتفع به من حيث زيادة المعرفة والإثراء بشكل عام، وكانت الأدبيات تنمي لدى القارئ أمرين مهمين: الثقافة واللغة، وكان القارئ يشتري الكتب ذات المعرفة العلمية وذات الطابع النوعي الذي يثري فكره وترفع من ثقافته وبصيرته وهذا هو الهدف من وراء القراءة كطاعة مفروضة على العبد الصالح فينعكس ذلك على صلاح سلوكه وزيادة في حصيلة قيمه الأخلاقية والارتقاء بعبادة الله عز وجل، فأين تتجه ثقافة القراءة اليوم؟
برأيي أن الرواية التي تكتسح أغلب المبيعات والإنتاج الأدبي اليوم - إن لم تصقل:
- ثقافة تاريخية صحيحة أو اجتماعية أو دينية.. إلخ.
- تنمية اللغة البلاغية للقارئ.
فإنها مضيعة للمال والوقت، ودعوه للغو واللهو، ومن خلال مقالي ادعو المختصين والمؤسسات التعليمية الصغرى والكبرى إلى تكثيف الندوات في توجيه نظرة الشباب للقراءة المثمرة بعيدا عن العقيمة، وأن ترفع من مهارات التقييم والنقد البناء والاختيار النوعي للقراءة، وبهذا سوف نرفع من الإنتاج العلمي والأدبي في الاختيار الأمثل في إنتاج الكتب بشتى أوديتها الجميلة.