من تابع الفرحة العارمة التي اكتسحت كل العالم العربي يوم الثلاثاء الماضي بعد فوز المنتخب السعودي على أقوى المرشحين للفوز بكأس العالم وهو المنتخب الأرجنتيني سيعلم أن النتائج المبهرة يسبقها حسن إدارة واجتهاد في العمل، ولكن المتابع الحصيف سيعلم أن هناك عوامل أثرت بشكل جوهري على هذا الفوز سنستعرض منها عاملين للقيام بإسقاطها على واقعنا في الكويت وكيف نستفيد منها بالشكل الصحيح.
الفريق الواحد كان متجسدا في المنتخب السعودي حرفيا، حيث تم اختيار 90% من عناصره من فريق واحد لضمان الانسجام والروح الواحدة أثناء المباريات المتتالية في كأس العالم، وليس هذا اعتباطيا، إنما يخبرنا الخبراء الإداريون أن الفريق الذي يعمل معا منذ فترات طويلة حتى ولو كان تحت قيادة جديدة يكون إنجازه أسرع من الفريق الذي يتآلف حديثا، وهذا ما يمكننا الاستفادة منه في الفرق واللجان وحتى التشكيلات الوزارية، نحن بحاجة إلى فريق يعرف إمكانياته بشكل متبادل، ويمكنه الانسجام بوقت قياسي لنرى النتائج المرجوة منه في كل القطاعات والمهام بفترات وجيزة.
العامل الثاني هو ما رأيناه في مقطع متداول لولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وهو يخاطب لاعبي المنتخب قائلا: «كونوا كما أنتم، العبوا لعبكم، استمتعوا، هذا أهم شيء، لستم تحت الضغط»، وعندما دخل الفريق إلى مباراته الأولى، والتي غالبا يكون الضغط فيها مرتفعا، أمام فريق يضم نجوما عالميين أمثال ميسي ودي ماريا، هنا كانت كلمات سموه ذات أهمية قصوى في إزالة التوتر والضغط، وإحساس اللاعبين بالراحة والمتعة أثناء اللعب، فكيف بمن أنيطت به مسؤوليات كبرى أو صغرى أن ينجزها على أكمل وجه وهو تحت ضغط مسؤوليه أو الشارع والرأي العام؟
هنا نستحضر كل اللحظات التي عمل فيها وزراء ومسؤولون على مشاريع وقوانين وهم تحت ضغط بشكل يومي وفي غير محله، فنحن مع الضغط الذي يتمثل بمراقبة الأداء والتصحيح المستمر، ولكن أن يكون هذا الضغط كبيرا بشكل مستمر فهذا ما يجعل المسؤول في حالة عجز عن أي إنجاز حتى وإن كانت كفاءته لا غبار عليها.
الأمر الأخير هو أننا في الكويت قد رجعت بنا الذكريات إلى مشاركتنا اليتيمة في بطولة كأس العالم 1982، فما الشبه بينها وبين مشاركة المنتخب السعودي هذا العام؟
الجواب بسيط، التطور والنمو والتنمية لا تكون على المستطيل الأخضر فقط، إنما هي انعكاس لحالة بلد كامل يمر بمرحلة تطور وريادة عالية مشهودة من القاصي والداني، وهكذا كانت الكويت في الثمانينيات، كانت تقود المنطقة بكاملها في ريادة الأعمال والثقافة والعلم والسياسة والرياضة والتطور العمراني، واليوم نرى انعكاس نقلة السعودية ورؤيتها الطموحة على أدائها الرياضي فأصبحت حديث الصحافة العالمية قبل العربية، وما تردي مستوانا الرياضي الحالي إلا انعكاسا للصراعات العقيمة والقدرات المهدورة والمشاريع المعطلة في البلد، فهل نعي هذه الأفكار لنكون في مكاننا الطبيعي كما يفعل جيراننا في الحياة؟