ذكر تقرير الشال الأسبوعي، أنه وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي، بلغ عدد سكان العالم أكثر قليلا من 8 مليارات نسمة بتاريخ 15 نوفمبر 2022، وكان عدد سكان العالم 7 مليارات نسمة قبل 12 عاما، أي أن العالم أضاف مليار نسمة إلى عدد السكان في تلك السنوات القليلة، أو ما نسبته نحو 14.3%.
وتحقق ذلك رغم أن معدلات النمو لسكان العالم في هبوط متصل من أكثر من 2% سنويا في النصف الأول من ستينيات القرن الفائت، إلى نحو 1% في بداية العقد الحالي، ومن المتوقع لها الهبوط إلى نحو 0.8% بحلول عام 2050.
وتتوقع الدراسة أن تصبح الهند الأعلى في عدد سكانها في العالم عندما تتفوق على الصين في عام 2023 رغم أن مسار هبوط معدل نموها السكاني مرجح أن يصل إلى أدنى من معدل نمو سكان العالم للفترة 2020-2040 المقدر بنحو 0.8%، بينما للهند بحدود 0.7%.
مثار قلق الدراسة، ليست حجم السكان أو عددهم، وإنما الأعمار، فالتركيبة العمرية للسكان سوف تميل وبشدة للفئات العمرية الأعلى خلافا للسابق، فمعدل عمر الإنسان كان في عام 1913 نحو 34 عام، وأصبح في عام 2022 نحو 72 عام، وربما كان أعلى بسنتين قبلها، ولكن فقدان حياة نحو 15 مليون نسمة بسبب مباشر أو غير مباشر لجائحة كورونا، هبط بذلك المعدل، ومن المقدر أن يعاود الارتفاع ليبلغ 77 عاما بحلول عام 2050.
وفي منتصف أربعينات القرن الفائت، كان عدد السكان أقل من 15 سنة نحو 7 أضعاف عدد السكان بعمر 65 سنة وأعلى، والتوقعات تشير إلى أن الفئتين ستصبحان متساويتان بحلول 2050، هذا التغيير الجوهري في التركيبة العمرية للسكان سوف يؤدي إلى ارتفاع عدد الدول التي تشكو من تناقص عدد السكان من 41 دولة في 2022، إلى 88 دولة بحلول عام 2050.
ذلك قد يعني أن العالم بات يحتاج إلى نحو 20 سنة حتى يضيف مليارا آخر إلى عدد سكانه وليس 12 عاما، خلالها ترتفع نسب السكان ممن هم بحاجة للإعالة، وينخفض عدد السكان في سن النشاط الاقتصادي.
وتنصح الدراسة بالاستثمار في رأس المال البشري وتحديدا العلوم الحديثة مع تركيز على التعليم العام حتى المرحلة الثانوية على أمل الارتقاء بمستوى الإنتاجية لتعويض ما يفتقد باختلال التركيبة العمرية.
والكويت ليست استثناء في الهبوط المتصل لمعدل زيادة أعداد السكان المواطنين، فقد بلغ ذلك المعدل نحو 3.8% في ثمانينيات القرن الفائت، وأصبح 3.7% في تسعينياته، ثم 3.2% في العقد الأول للألفية الثالثة، ثم 2.4% في العقد الثاني منه، وبلغ 2.0% في عام 2021.
ويظل ذلك المعدل ضعف المعدل العالمي في عام 2021، بينما يزداد في الوقت نفسه معدل التدفق إلى فئة المتقاعدين، ما يعني أن مسؤولية سلطات إتخاذ القرار في الكويت مضاعفة، فمن جانب، هناك ضرورة توفير ضعف المعدل العالمي لوظائف القادمين إلى سوق العمل.
ومن جانب آخر، لابد من ضمان أمان المتقاعدين في بلد أكثر من 83% من مواطنيه موظفي قطاع عام، تدفع الخزينة العامة مستحقاتهم المباشرة وغير المباشرة البالغة نحو 75% من الإنفاق العام، وتدفع الخزينة العامة أيضا نحو ثلاثة أرباع مستحقات أقساط تأمين تقاعدهم.
والارتقاء بمستوى الإنتاجية كما يذكر التقرير يحتاج إلى الارتقاء بمستوى التعليم العام المتخلف في الكويت بنحو 4.8 سنوات عن المستوى المتواضع، وضمان أمن المستقبل للمتقاعدين يتطلب استدامة المالية العامة المعتمدة كليا تقريبا على بيع أصل زائل أو متقادم، أي النفط، وأي حديث عن الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في المستقبل في ظل الوضع الحالي هو مجرد وهم.
ومازال في الوقت متسعا لإصلاح جذري، ومازالت احتمالات نجاحه كبيرة، ولكن، عامل الوقت والوعي بتلك المتغيرات يحتاجان إلى استدارة سريعة تتبناها إدارة حكومية مدركة لمخاطر ضياع الوقت وأثره السلبي على نجاح أي مشروع إصلاحي.