تتميز دول آسيا الشرقية باعتمادها على العمل الجماعي عوضا عن العمل الفردي الذي تتميز به دول أوروبا، وحتى النظام التعليمي في هذه الدول قائم على العمل الجماعي، فلا يحرص المعلم على أن يطور من مقدرة الطالب المميز، بل يكون في أشد الحرص على أن يحصل جميع الطلبة على نفس المستوى العلمي، ويهمه أن يكون كل الفصل متناغما في العمل والمستوى التعليمي، بعكس الدول الغربية التي تراعي الطلاب المتميزين أكثر من غيرهم، وتحرص على أن يوضعوا في فصول خاصة بهم، فالغرب يهتم بالمهارات الفردية، بينما الشرق يهتم بالمهارات الجماعية، حتى على مستوى الحصول على الجوائز العلمية العالمية، نجد أن اليابانيين مثلا، الحاصلون منهم على جوائز نوبل هم نتاج فريق متكامل، كل عالم يكمل الآخر، بينما بالغرب الفريق بالكامل يعتمد على شخص أو شخصين.
انعكاس ثقافة العمل الجماعي واضح في كرة القدم اليابانية، فعندما تركز على المهارات الفردية للاعبين تجد أن مستواهم عادي بالنسبة للاعبين الأوروبيين، بينما على مستوى اللعب بروح الفريق الواحد نجد أن اليابانيين متناغمين في هذا النوع من اللعب، وكأنهم منصهرين في روح واحدة، وكرة القدم كغيرها من الألعاب الجماعية تحتاج فريقا يدمج بين المهارات الفردية واللعب الجماعي، فكلما استطاع الفريق الدمج بين الاثنين كان أقرب للفوز من غيره.
أما تنظيف الملاعب فليس بغريب أبدا على الثقافة اليابانية، فالفرد الياباني يبدأ بتعلم التنظيف منذ نشأته بالمنزل، ثم ينتقل لتنظيف مدرسته بشكل يومي، وتنظيف دقيق لكل شيء بشكل أسبوعي أو شهري، ولهذا الفعل قيمة تربوية عظيمة، يشعر فيها الطالب بأنه جزء من المدرسة، وتنمي روح التعاون الجماعي وروح المسؤولية وعدم الاعتقاد بوضاعة الأعمال مهما كانت، وعدم تخريب مدرسته، واستغل اليابانيون هذا الحرص على النظافة استغلالا جميلا في نشر ثقافتهم والجوانب الإيجابية منها، وساهم هذا على نشر فكرة النظافة في كل العالم، ونجد أن روابط المشجعين في بعض الدول بدأت بتنظيف المدرجات تقليدا للعرف الياباني، والفيديوهات التي تنقل قيام الجمهور بتنظيف المدرجات والتي تنتشر بعد كل مباراة يشارك فيها المنتخب الياباني، تساهم في تحفيز المشاهد في كل أنحاء العالم على المحافظة على النظافة أسوة باليابانيين، وهذا التسويق بحد ذاته فوز للجمهور الياباني حتى لو لم يفز بكأس العالم.