هادي العنزي
شهدت بطولات كأس العالم لكرة القدم العديد من المفاجآت المدوية، وبالرجوع قليلا إلى الوراء، تستحضرنا مواجهة كوريا الجنوبية وإيطاليا في مونديال 2002، عندما قلب الكوريون التوقعات رأسا على عقب، وتأهلوا بفوز مستحق على إيطاليا 2-1 إلى نصف نهائي البطولة الكروية الأكثر تنافسية في العالم، والأخف منها وقعا فوز السنغال على فرنسا 1-0 في ذات البطولة، وليس ببعيد تفوق «العجوز» روجيه ميلا على دييغو مارادونا في أولى مباريات الفريقين بمونديال 1990، ليدخل دييغو حامل الكأس 1986 وأسطورة كل العصور وزملاؤه في حسبة صعبة ومبكرة.
في «مونديال قطر» حضرت المفاجأة أيضا، وجاءت هذه المرة بروح و«عزيمة سعودية» وأمام أحد أبرز المرشحين للظفر لحصد اللقب، وبكامل نجومه وفي مقدمتهم النجم الأكثر مهارة في العقدين الماضيين «البرغوث» ليونيل ميسي، ورفاقه لاوتارو مارتينيز، ودي ماريا، وبسجل خال من الهزائم امتد لـ 36 مباراة متتالية، و«الأخضر» غير مرشح للفوز، بل وهناك من توقع هزيمة تاريخية ثقيلة، ولكن جاء الواقع مخالفا للتوقعات، ليخرج المنتخب السعودي فائزا بجدارة واستحقاق على الأرجنتين 2-1 في قمة كروية أضحت درسا لمتعلمي الكرة، وإلهاما للفرق المكافحة، وقيمة انسانية تحتذى في كيفية التغلب على نفسك أولا، والآخر مهما علا شأنه، وتعاظمت قوته.
الأخضر الجميل خسر في ثاني مبارياته في البطولة أمام پولندا، في مواجهة لم ينصفه فيها الحظ بالخروج متعادلا على أقل تقدير، وتبقى آماله بيده في الجولة الثالثة والأخيرة أمام المكسيك العنيد، ولعل ما يبعث على التفاؤل تلك الروح السائدة في معسكر «الصقور»، وزير الرياضة السعودي الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل يواسيهم قائلا:«خيرها بغيرها»، والمدرب الفرنسي هيرفي رينارد يخرج باسما في مؤتمر صحافي حاشد بعد خسارة فريقه مباشرة، معبرا عن فخره واعتزازه بالرجال الذين وضع ثقته وآماله بين أيديهم، وعشاق «الأخضر» لا يرونها خسارة، بل عثرة سرعان ما «يحلق الصقور» بعدها عاليا، ليصطادوا المكسيك في المواجهة الحاسمة.
كأس العالم في قطر، رائعة بكل تفاصيلها، بدءا من الافتتاح الذي «تبارك» بآيات من الذكر الحكيم، لأول في تاريخه، ومرورا بالإجراءات القطرية الحازمة فيما يتعلق بمخالفي الطبيعة البشرية، ومرورا بـ «الصقر السعودي» الذي ما أن حلق «فوق هام السحب» حتى جاء بصيد «قنص» ثمين، لينثر الفرح والبهجة في قلوب العرب من الخليج حتى المحيط.. وتلك أمسية لن تنسى.