عقدت ندوة متخصصة على مدى ساعتين من الزمن في مجلس الشيوخ الفرنسي تحت عنوان «أي آفاق للبنان»، شارك فيها العضو في مجلس الشيوخ فيليب فوليو، ورئيس معهد الأمن والاستشراف في أوروبا إيمانويل دوبوي، والعضو في مجلس الشيوخ كريستين لافارد رئيسة مجموعة الصداقة اللبنانية ـ الفرنسية، والنائب اللبناني نعمة افرام، وأدارها مدير مجلة L’Hémicyle إريك ريفيل، بحضور حشد من النواب والشيوخ والرسميين الفرنسيين إلى جانب ديبلوماسيين معتمدين لدى باريس وباحثين وإعلاميين ومهتمين.
وفي ختام النقاش، تحدث النائب نعمة افرام، الذي قدم مطالعة تحت عنوان «من أجل إحياء لبنان»، اعتبر فيها ان ما يدفعه إلى الحديث يتخطى حبه لبلاده والأمل في مستقبل أفضل، فما يدفعه هو الاهتمام بالحقيقة، في الطريق المسدود والحلم المحطم، والمحاولة الأخيرة الممكنة لإعادة بناء عقد اجتماعي مجدد ضمن إجراءات لتحديث كل المؤسسات في مشروع ديموقراطي، هو مقدمة لازدهار لبنان جديد وجيل جديد من القادة السياسيين.
واضاف افرام: لبنان اليوم على مفترق طرق، فإما تتغير الأمور بشكل جذري أو أن لبنان الذي عهدناه سيختفي. وأنا شديد الاقتناع بأنه لابد لنا من إعادة النظر بأنفسنا لمصلحة بلدنا، وهذا الأمر ليس خيارا بل هو ضرورة حيوية. فلبنان وصل الى طريق مسدود بالكامل، فهو في مأزق سياسي ومؤسساتي واقتصادي واجتماعي. لقد عانى نظام الحكم اللبناني طوال العقد الماضي من شلل تام بسبب تضارب المصالح السياسية تحت غطاء الانقسامات الطائفية. هذا النقص في إنتاجية الدولة خلق ثقبا أسودا تمثل في تدمير الاقتصاد اللبناني، وانتفاضة تشرين الأول 2019، وانهيار مؤسسات الدولة، ومأساة 4 أغسطس 2020، ونسف النظام القضائي، وخطر تفكك الركيزتين الحقيقيتين للبنان: النظام التربوي والطبي.. هذا الثقب الأسود سيبتلع كل شيء، وهذه هي الحقيقة المرة في لبنان اليوم.
وتابع: لقد دفع المواطن الثمن بعدما حرم من نتاج عمله ومدخراته وجنى عمره. لقد أصبح لبنان على صورة تلك العائلات التي تكتفي بساعتين إلى ثلاث ساعات من التغذية الكهربائية في اليوم. لقد بات بلدا يخضع للإنعاش ويعتمد على المساعدات الدولية والتحويلات المالية من مغتربيه. دولة دون سيادة. وفي كل مكان، عائلات محرومة من النور والأمل.
واعتبر أن: هناك حقيقة أخرى وأعمق بكثير. حقيقة لا نعبر عنها لكننا نعيشها كل يوم. حقيقة أن مشروع لبنان القرن العشرين، الذي كان من المفترض أن يكون هدية «اتفاقية فرساي» للشرق الأوسط والعالم أجمع، مشروع حضاري، مشروع نور وتآخ بين المجتمعات المختلفة في موطن الأديان السماوية، يتفكك أمام أعيننا.
افرام أكمل متحدثا عن المحاولة الأخيرة في المشروع الوطني المشترك: من مجلس الشيوخ الفرنسي، الشاهد على التاريخ وضامن القيم، وبعد مرور مائة عام ونيف، أود إطلاق نداء من أجل لبنان جديد: لبنان مشرق، لبنان المنارة، لبنان حيث المجتمعات المختلفة يلتزم خلق مشروع مشترك: إعادة بناء مؤسسات الدولة اللبنانية على أسس جديدة، أسس الأداء والشفافية، في أفعال أكثر تماسكا وأقل نفاقا. في عقد اجتماعي يعتمد إجراءات لتحديث نظام الحكم لدينا وتعزيز استقلالية القضاء. إجراءات لتحديث الخدمات العامة والبنى التحتية. إجراءات لإعادة تشغيل الاقتصاد وإعادة أموال مواطنينا. إجراءات من أجل زيادة العدالة الاجتماعية وتقليل الدوغمائية العقيمة. وأخيرا، إجراءات لتهيئة الظروف لثقة جديدة بين الناس ومؤسساتهم، وبين لبنان وشركائه العرب والأوروبيين والدوليين.