البطالة هي عدم الحصول على فرصة عمل رغم توافر القدرة عليه ومداومة البحث عنه، وهي ظاهرة اقتصادية ينتج خلالها اختلال توازن سوق العمل الذي يشهد فائضا.
والبطالة مشكلة كل بيت التي تورث الحسرة والندم والهمّ والغم، وهي معول الهدم للنفس البشرية، فهي الفراغ المدمر والدافع في بعض الأحيان للمعاصي وطريق الشيطان، ولخطورتها على الشباب تتسارع الأمم لاتقاء شرها وآثارها المدمرة على النفس والمجتمع بإيجاد فرص عمل حقيقية لأبنائها الخريجين وأقول فرص عمل حقيقية لأن البطالة المقنعة لا تختلف عن البطالة في شيء فكلتاهما ضارة.
والمرء يفهم أن تحدث البطالة والعجز عن توظيف الخريجين في بلد يئنّ من الديون أو كثرة عدد السكان فتدفعهم البطالة إلى عبور البحر في مراكب خشبية مقدمين أرواحهم رخيصة من أجل فرصة عمل على الجانب الآخر من البحر، وما أكثر من مات في قاع البحر وهم يلهثون وراء وظيفة وسراب خادع، حيث دفعتهم الحاجة إلى ركوب الموت من أجل فرصة عمل، لكننا في الكويت بلد النفط والرفاه فنعم الله علينا كثيرة لا تعد ولا تحصى إلا أننا نعاني أزمة نتائجها تضرب كل بيت كويتي ولا يعلم مداها إلا الله، فكيف لأب أن يتصور أن يتخرج ابنه ويجلس حبيس البيت في انتظار خطاب من ديوان الخدمة المدنية لكي يوزعه على وظيفة قد تتناسب أو لا تتناسب معه، خطاب وظيفة يأتيه بعد مضي سنوات على تخرجه تبخرت فيها آماله وهو حبيس البيت، حيث فترت همته وتسرب اليأس إلى قلبه وكسر فؤاده. إن العاطلين عن العمل قنبله موقوته داخل كل بيت فما الحل؟!
الحل يكمن في التخطيط وهو العلاج الناجح لمشكلة البطالة في الكويت فأعداد الخريجين ليس سرا حربيا وحاجات سوق العمل يمكن إحصاؤها ويمكن عمل خطة لاستخدام الخريجين فور تخرجهم دون أن يبقوا عاطلين في بيوتهم، فغياب التخطيط هو السبب لما نحن فيه بالكويت وهو الأساس في مشكله البطالة، فلابد من خطط تنموية شاملة تتسع لتشمل كل أبنائنا ونحقق لهم الاستقرار النفسي وتزيح عبئهم عن كاهل أسرهم، حيث أثقل الغلاء ومصاريف التعليم كاهلهم.
إن معاناة الأسرة الكويتية من بطالة أبنائها هي معاناة كارثية بمعنى الكلمة فما معنى أن تظل الأسرة تنفق على أبنائها وتتطلع إلى يوم الخلاص يوم الفرحة يوم يتخرج أبناؤها وما تلبث فرحتهم أن تتبدد وهم يرون فلذات أكبادهم وقد تحولوا إلى عاطلين يقضون نهارهم نائمين وليلهم يجوبون الشوارع مع أصدقاء السوء لأنه لا عمل لهم ولا مورد لهم مما يدفع ضعاف النفوس إلى الانحراف وإدمان المخدرات فالفراغ هو بداية الطريق إلى الضياع.
إن أصدقاء السوء ومدمني المخدرات والجريمة وما اكثرهم في السجون والمخافر ومرتاديها هم من شبابنا العاطلين عن العمل لأن طريق الشيطان مفتوح ويفتح ذراعيه لاستقبال العاطلين عن العمل وما أكثرهم في ظل عدم وجود تخطيط مدروس يستوعب الخريجين فلنسع جاهدين إلى حل سريع وحازم لمشكلة البطالة في زمن الوفرة المادية وفي ظل الأعداد القليلة لشعب الكويت، فنحن للأسف نعيش الارتجال بأبشع صوره. إن الدولة هي المسؤول الأول عن توفير العمل لكل كويتي كما ينص الدستور، فاحرصوا على توفير العمل لأبنائنا.
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها ومن عليها من المخلصين من كل مكروه، اللهم آمين.
[email protected]