هناك رغبة جامحة في الكويت لدى العموم في إعادة الدولة للتوهج الذي كانت عليه سابقا في مختلف المجالات.
وعلى مدى السنوات الماضية استمرت المحاولات بتبديل القيادات الإدارية وتغيير الهيكليات التنظيمية والوظيفية، ومع ذلك لم يكن هناك تقدم حقيقي يذكر يمكننا التماسه، وأحد أهم المعضلات الجوهرية وراء هذا الفتور يكمن في عدم إدراك العديد من الأشخاص الفاعلين في أي نظام منضوين تحت مظلته عن ماهية كيان النظام ككل متسق ووحدة متكاملة.
في إطار العلم الحديث، وبحسب المعهد القانوني لبيئة العمل والعوامل البشرية ببريطانيا في العام 2018، جرى تعريف النظام على أنه: «مجموعة من الأنشطة أو الكيانات المترابطة مثل الأجهزة والبرامج والمباني والمساحات والمجتمعات والأشخاص، وجميعها لها هدف مشترك.
هناك روابط بين هذه الأنشطة والكيانات التي يمكنها تغيير كل من الحالة والتفاعلات في النظام ضمن مجموعة معينة من الظروف والأحداث».
تستند نظرية النظم إلى «التفكير المنظومي» وهذا يساعد المتخصصين في تحديد الروابط والصلات في مكونات الهيكل الشامل. والذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى تحسين الجودة وتقليل الأخطاء.
على سبيل المثال، قبل دمج مجالات الأداء البشري في نظام ما، من الضروري أن يكون لدينا فهم دقيق لمجموع الكيانات المترابطة التركيبية، بدءا من الأفراد الذين يؤدون مهام فردية أو يستخدمون أداة (نظام صغير)، إلى الأشخاص العاملين كجزء من فريق (نظام متوسط)، ومن خلال الأنظمة الاجتماعية والتقنية المعقدة (نظام كلي).
جميع ما سبق يجعلنا نتساءل: هل يعي كل فرد أوكلت له المسؤولية للقيام بوظيفة ما هي الأغراض الوظيفية الأساسية التي تم تأسيس نظام عمله لبلوغها؟ وما هي القيم والمقاييس الحيوية الواجب عدم تجاوزها لتعزيز التزام أكبر باللوائح والسياسات والأداء الوظيفي الصحيح الكفيل بتقليل ارتكاب الأخطاء البشرية، وبالتالي تحديد الأولويات المطلوب معالجتها من أجل ضمان تقدم النظام بشكل فعال لتحقيق أغراضه الوظيفية الأساسية؟ ومن ثم هل هناك معرفة بالأهداف المهمة الأخرى الضروري إتمامها في قلب النظام، مما يعزز فهما أقوى للمهام العامة المطلوب إجراؤها من خلاله لتحقيق الأغراض الوظيفية؟ وتباعا، هل هناك معرفة تامة بالمكونات المادية المحورية لذلك النظام، وما هي العمليات ذات الصلة التي يقوم بها كل مكون لدعم النظام وتسهيل أدائه لإنجاز الأهداف وبلوغ الأغراض الوظيفية الأساسية؟
لتطوير المؤسسات، هناك أهمية قصوى للتحليل الإدراكي لبيئة العمل المراد تطويرها، وعند إسناد الأمر لأي كان في أينما موقع، فلابد أن يعزز ذلك بتحديد واضح ومعرفة شمولية لمكونات النظام القائم والغرض من وجوده، ومن ثم الحدود التي يجب عدم تجاوزها في إطار المرونة المقبولة لضمان جودة العمل.
كل ذلك يأتي في سياق من التأكيد على ضرورة التنسيق العالي والتواصل الفعال والتداخل المنسجم والتعاون البناء بين مكونات النظام. فيما عدا ذلك، لا عجب إن ظهرت حصيلة النتائج لأي مشروع عبثية ودون المستوى المأمول.