خرج علينا الاتحاد الأوروبي قبل أيام بقرار الشنغن الذي طال انتظاره وتضمنت حيثياته الموافقة على إعفاء مواطني الكويت منه شريطة أن يتم إلغاء عقوبة الإعدام في البلاد ضمن قرار يحمل في طياته الاستغراب والحيرة من أمر هذا القرار المرفوض جملة وتفصيلا.
فهذا القرار من ناحية يعد تدخلا غير مقبول من الأصدقاء إن جاز التعبير.
ويعد تدخلا مباشرا في قرارات الدولة وسياستها الداخلية وتدخلا في أنظمتها وقوانينها الشرعية والدستورية والتي تم اعتمادها بعد دراسة وتوافق بين أبناء الشعب ومواطنيه بالتعاون مع الجميع وارتضت قوانينها واكتسبت شرعيتها منها.
وحكمت فيها بما يرضي الله، وأيضا وفقا لقناعات رأى فيها الجميع في هذا البلد الرضا الكامل عن تلك القوانين التي يتوجب أن تكون موجودة لردع كل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد، وقد لا تكون تلك القوانين موافقة لرؤية البعض من المعترضين، ولكنها بالنهاية حصلت على موافقة وإجماع غالبية الشعب والحكومة والدولة حين إقرار الدستور وقوانين القضاء المحلي.
ومن ناحية أخرى نقول إننا لا نقبل أي إملاءات من الغير مهما كانت علاقاتنا وطيدة معهم.
وهنا لا يقبل أي كان التدخل في قراراته الداخلية، فكيف يتم فرض شروط لاستمرار العلاقة بين الأصدقاء وفقا لما قرره الاتحاد الأوروبي حينما قرن الموافقة على إعفاء المواطنين من الشنغن مقابل إلغاء عقوبة الإعدام.
وبالإضافة لذلك كله نقول إن الدولة وعلى مدى عقود ماضية كان محقة في الكثير من القوانين التي طبقتها ونفذتها، فالجزاء من جنس العمل كما هو معروف، وعلى سبيل المثال فلابد من أن القاتل يقتل.
فكيف يستوى قيام شخص ما بإنهاء حياة شخص آخر بهذه السهولة دون أن يأخذ العقاب والجزاء المناسب، أو الجزاء الذي يناسب الجرم الذي ارتكبه، فهو هنا تشجيع للآخرين على الاستهانة بهذا العمل الذي ترتج له السماء وهو قتل النفس أيا كانت الأسباب والدوافع وبعيدا عن اعتبارات متعلقة بها!. ومن ناحية أخرى نقول إننا لسنا بحاجة لهذا الشنغن المشروط، ويمكننا أن نتجه لأماكن أخرى أو لا مانع لدينا من فرض الشنغن ونستطيع التعامل معه بكل أريحية.
ولكن أن يتم فرض الإملاءات بهذا الشكل، فهذا الأمر غير مقبول. وفي هذا الصدد فإنني أثني على دور وزير الخارجية الشيخ سالم العبدالله، عندما رفض رفضا قاطعا التدخل في الشؤون الداخلية للكويت، من أي كان وبالأخص من أصدقائنا، داعيا الدول الأوروبية إلى احترام قرارات الكويت القضائية، فقد كان محقا في قراره الجريء المعبر عن رؤية الشعب الكويتي بأكمله. والله الموفق.
[email protected]